في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

( وامرأته حمالة الحطب ) . . وستصلاها معه امرأته حالة كونها حمالة للحطب . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

امرأته : أروى بنت حرب ، أُم جميل أخت أبي سفيان .

حمالة الحطَب : التي تسعى بالنميمة والفتنة بين الناس .

وستعذَّب امرأتُه ، أم جميل العَوراء ، بهذه النار أيضا ، لشدة عدائها للرسول الكريم ، ولِما كانت تسعى بالنَّميمة والفتنة لإطفاء دعوةِ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

قال ابنُ عباس ومجاهد وقتادة والسُدّي : كانت تمشي بالنميمة بين الناس . والعربُ تقول : فلان يَحْطِب على فلانٍ ، إذا حَرَّضَ عليه .

وفي الحديث الصحيح : « لا يدخُل الجنّةَ نمّام » ، وقال : « ذو الوجهينِ لا يكونُ عند الله وَجِيها » ، والنميمةُ من الكبائر .

وقيل أيضا : إن أُمَّ جميل هذه كانت تحمِل حُزَمَ الشوكِ والحَطَب ، وتنثُرها باللّيل في طريق رسولِ الله لإيذائه . لذلك فإنّ في عنقِها يوم القيامة حَبلاً تُشَدّ به إلى النار ، وبئس القرار .

قراءات :

قرأ عاصم : { حمّالة } بنصب التاء ، على الذم . وقرأ الباقون : { حمالة } بالرفع ، صفة لامرأته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ وامرأته } وهي أم جميل بنت حرب ، وهي أخت أبي سفيان بن حرب { حمالة الحطب } يعني كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ليعقره ....

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب نارا ذات لهب . واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : { حَمّالَةَ الْحَطَبِ } فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قَدمه إذا خرج إلى الصلاة ... ويقال : { حَمّالَةَ الْحَطَب } : نقالة للحديث ...

وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ...

وقال بعضهم : كانت تُعَيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تَحْطِبُ فَعُيّرت بأنها كانت تحطب .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقوله تعالى : { وامرأته حمالة الحطب } ... وقيل : إن قوله { حمالة الحطب } استعارة لذنوبها التي تحطبها على نفسها لآخرتها ، ف { حمالة } على هذا نكرة ، يراد بها الاستقبال . وقيل : هي استعارة لسعيها على الدين والمؤمنين ، كما تقول : فلان يحطب على فلان وفي حبل فلان ، فكانت هي تحطب على المؤمنين وفي حبل المشركين...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وكانت عونًا لزوجها على كفره وجحوده وعناده ؛ فلهذا تكون يوم القيامة عَونًا عليه في عذابه في نار جهنم . ولهذا قال : { حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } يعني : تحمل الحطب فتلقي على زوجها ، ليزداد على ما هو فيه ، وهي مُهَيَّأة لذلك ، مستعدة له ....

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وامرأته } أي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، مثل زوجها في التباب والصلي ، من غير أن يغني عنها شيء من مال ولا حسب ولا نسب ، ...{ حمالة الحطب } أي الحاملة أقصى ما يمكن حمله من حطب جهنم بما كانت تمشي به ، وتبالغ فيه من حمل حطب البهت والنميمة الذي تحمل به على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم ، وشدة أذاه ، وإيقاد نار الحرب والخصومة عليه صلى الله عليه وسلم ، ...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

قوله تعالى : { وامرأته } أم جميل . وقال ابن العربي : العوراء أم قبيح ، وكانت عوراء . { حمالة{[16542]} الحطب } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : كانت تمشي بالنميمة بين الناس ، تقول العرب : فلان يحطب على فلان : إذا ورش عليه{[16543]} . قال الشاعر :

إن بني الأَدْرَمِ حَمَّالُو الحطبْ*** هم الوشاة في الرضا وفي الغَضَبْ

عليهم اللعنةُ تَتْرَى والحَرَبْ{[16544]}

وقال آخر :

من البيض لم تصطد على ظهرٍ لأُمَّةٍ *** ولم تمش بين الحي بالحطب الرَّطْبِ

يعني : لم تمش بالنمائم ، وجعل الحطب رطبا ليدل على التدخين ، الذي هو زيادة في الشر . وقال أكثم بن صيفي لبنيه : إياكم والنميمة فإنها نار محرقة ، وإن النمام ليعمل في ساعة مالا يعمل الساحر في شهر . أخذه بعض الشعراء فقال :

إن النميمةَ نارٌ ويْكَ مُحْرِقَةٌ *** ففرَّ عنها وجانبْ من تَعَاطَاهَا

ولذلك قيل : نار الحقد لا تخبو . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة نمام " . وقال : " ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها " . وقال عليه الصلاة والسلام : " من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه " . وقال كعب الأحبار : أصاب بني إسرائيل قحط ، فخرج بهم موسى عليه السلام ثلاث مرات فلم يستسقوا . فقال موسى : ( إلهي عبادك ) ، فأوحى الله إليه : ( إني لا أستجيب لك ولا لمن معك ؛ لأن فيهم رجلا نماما ، قد أصر على النميمة ) . فقال موسى : ( يا رب من هو حتى نخرجه من بيننا ) ؟ فقال : ( يا موسى ، أنهاك عن النميمة وأكون نماما ) . قال : فتابوا بأجمعهم ، فسقوا . والنميمة من الكبائر ، لا خلاف في ذلك ، حتى قال الفضيل بن عياض : ثلاث تهد العمل الصالح ويفطرن الصائم ، وينقضن الوضوء : الغيبة ، والنميمة ، والكذب . وقال عطاء بن السائب : ذكرت للشعبي قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة سافك دم ، ولا مشاء بنميمة ، ولا تاجر يربي " ، فقلت : يا أبا عمرو ، قرن النمام بالقاتل وآكل الربا ؟ فقال : وهل تسفك الدماء ، وتنتهب الأموال ، وتهيج الأمور العظام ، إلا من أجل النميمة .

وقال قتادة وغيره : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر . ثم كانت مع كثرة ما لها تحمل الحطب على ظهرها ؛ لشدة بخلها ، فعيرت بالبخل . وقال ابن زيد والضحاك : كانت تحمل العضاه والشوك ، فتطرحه بالليل على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقاله ابن عباس . قال الربيع : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يطؤه كما يطأ الحرير . وقال مرة الهمداني : كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة{[16545]} من الحسك{[16546]} فتطرحها على طريق المسلمين ، فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة أعيت ، فقعدت على حجر لتستريح ، فجذبها الملك من خلفها فأهلكها . وقال سعيد بن جبير : حمالة الخطايا والذنوب ، من قولهم : فلان يحتطب على ظهره ، دليله قوله تعالى : { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم }{[16547]} [ الأنعام : 31 ] . وقيل : المعنى حمالة الحطب في النار ، وفيه بعد . وقراءة العامة " حمالة " بالرفع ، على أن يكون خبرا " وامرأته " مبتدأ . ويكون " في جيدها حبل من مسد " جملة في موضع الحال من المضمر في " حمالة " . أو خبرا ثانيا . أو يكون { حمالة الحطب } نعتا لامرأته . والخبر { في جيدها حبل من مسد } ؛ فيوقف - على هذا - على { ذات لهب{ . ويجوز أن يكون { وامرأته{ معطوفة على المضمر في { سيصلى{ فلا يوقف على { ذات لهب } ويوقف على { وامرأته } وتكون { حمالة الحطب } خبر ابتداء محذوف . وقرأ عاصم { حمالة الحطب } بالنصب على الذم ، كأنها اشتهرت بذلك ، فجاءت الصفة للذم لا للتخصيص ، كقوله تعالى : { حمالة الحطب } بالنصب على الذم ، كقوله تعالى : { ملعونين أينما ثقفوا }{[16548]} . وقرأ أبو قلابة { حاملة الحطب } .


[16542]:"حمالة" بالرفع قراءة نافع، وبها يقرأ المؤلف.
[16543]:التوريش: التحريش، يقال: ورشت بين القوم، وأرشت.
[16544]:الحرب (بالتحريك): نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له.
[16545]:الإبالة: الحزمة الكبيرة.
[16546]:الحسك: نبات له ثمرة ذات شوك تعلق بأصواف الغنم، والسعدان.
[16547]:آية 31 سورة الأنعام.
[16548]:آية 61 سورة الأحزاب.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ} (4)

{ وامرأته حمالة الحطب } اسم امرأته أم جميل بنت حرب بن أمية ، وهي أخت أبي سفيان وعمة معاوية ، وفي وصفها بحمالة الحطب أربعة أقوال :

أحدها : أنها كانت تحمل حطبا وشوكا فتلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه .

الثاني : أن ذلك عبارة عن مشيها بالنميمة ، يقال : فلان يحمل الحطب بين الناس ، أي : يوقد بينهم نار العداوة بالنمائم .

الثالث : أنه عبارة عن سعيها بالمضرة على المسلمين ؛ يقال : فلان يحطب على فلان إذا قصد الإضرار به .

الرابع : أنه عبارة عن ذنوبها وسوء أعمالها .