في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ} (43)

35

ثم يكمل رسم هيئتهم : ( خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ) . . هؤلاء المتكبرون المتبجحون . والأبصار الخاشعة والذلة المرهقة هما المقابلان للهامات الشامخة والكبرياء المنفوخة . وهي تذكر بالتهديد الذي جاء في أول السورة : ( سنسمه على الخرطوم ) . . فإيحاء الذلة والانكسار ظاهر عميق مقصود !

وبينما هم في هذا الموقف المرهق الذليل ، يذكرهم بما جرهم إليه من إعراض واستكبار : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) . . قادرون على السجود . فكانوا يأبون ويستكبرون . . كانوا . فهم الآن في ذلك المشهد المرهق الذليل . والدنيا وراءهم . وهم الآن يدعون إلى السجود فلا يستطيعون !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ} (43)

ترهقهم ذلة : تلحقهم ذلة .

ويأتون في ذلك اليوم خاشعةً أبصارُهم منكسرةً تغشاهم ذلةٌ مرهِقة ، وقد كانوا يُدعون إلى السجود في الدنيا وهم قادرون . . . . فلا يسجدون !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ} (43)

وهذا الجزاء من جنس عملهم ، فإنهم كانوا يدعون في الدنيا إلى السجود لله وتوحيده وعبادته وهم سالمون ، لا علة فيهم ، فيستكبرون عن ذلك ويأبون ، فلا تسأل يومئذ عن حالهم وسوء مآلهم ، فإن الله قد سخط عليهم ، وحقت عليهم كلمة العذاب ، وتقطعت أسبابهم ، ولم تنفعهم الندامة ولا الاعتذار يوم القيامة ، ففي هذا ما يزعج القلوب عن المقام على المعاصي ، و[ يوجب ] التدارك مدة الإمكان . ولهذا قال تعالى{ فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ} (43)

ولما كان ربما ظن ظان أن المانع لهم{[67687]} الكبر كما في هذه الدنيا ، قال مبيناً لنفي الكبر في مثل هذا اليوم العظيم { خاشعة } أي مخبتة متواضعة { أبصارهم } لأن ما في القلب يعرف في العين ، وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم ووجوههم أضوأ من الشمس ، ووجوه الكافرين والمنافقين سود مظلمة .

ولما كان الخاشع لذلك قد يكون خشوعه لخير عنده حمله على ذلك مع{[67688]} العز قال : { ترهقهم } أي تغشاهم وتقهرهم { ذلة } أي عظيمة لأنهم استعملوا الأعضاء التي أعطاهموها سبحانه وتعالى ليتقربوا بها إليه في دار العمل في التمتع بما يبعد منه .

ولما دلت هذه العبارة مطابقة لما ورد في الحديث الصحيح على أن من كان في قلبه مرض في الدنيا يصير ظهره طبقاً واحداً{[67689]} فقارة واحدة فيعالج السجود فيصير كلما أراده انقلب لقفاه ، عجب منهم في ملازمة الظلم الذي هو إيقاع الشيء{[67690]} في غير موقعه فقال : { وقد } أي والحال أنهم { كانوا } أي دائماً بالخطاب الثابت { يدعون } في الدنيا من كل داع يدعو إلينا { إلى السجود وهم } أي فيأبونه{[67691]} والحال أنهم { سالمون * } أي{[67692]} فهم{[67693]} مستطيعون ، ليس في أعضائهم ما يمنع من ذلك ، وإنما يمنعهم منه الشماخة والكبر ، فالآية من الاحتباك{[67694]} : ذكر عدم الاستطاعة أولاً دال على حذف الاستطاعة ثانياً ، وذكر السلامة ثانياً دال على حذف عدم السلامة أولاً .


[67687]:- من ظ وم، وفي الأصل: يريدون.
[67688]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[67689]:- زيد في الأصل: فقال، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67690]:- من ظ وم، وفي الأصل: شيء.
[67691]:- من م، وفي الأصل: فيأتون إليه، وفي ظ: فيأتونه.
[67692]:- سقط من ظ وم.
[67693]:- زيد من ظ وم.
[67694]:- زيد من ظ وم.