حافين من حول العرش : محيطين به .
ويومها يكون الملائكة محيطين بالعرش ، ينزّهون اللهَ عن كل نقص ، ويكون قد قضى بين العباد ، وذهب كلٌّ إلى مأواه ، ونطق الكون كله بحمد ربه . { وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين } .
وهكذا تختم هذه السورة الجليلة بهذا المشهد الذي يغمر النفس بالروعة والرهبة والجلال ، وقد بدأ الله سبحانه هذه الآية الأخيرة بالحمد وختمها بالحمد ، وبهذا يختم المجلد الثالث ونسأ الله حسن الختام .
قوله تعالى : " وترى الملائكة " يا محمد " حافين " أي محدقين " من حول العرش " في ذلك اليوم " يسبحون بحمد ربهم " متلذذين بذلك لا متعبدين به ، أي يصلون حول العرش شكرا لربهم . والحافون أخذ من حافات الشيء ونواحيه . قال الأخفش : واحدهم حاف . وقال الفراء : لا واحد له إذ لا يقع لهم الاسم إلا مجتمعين . ودخلت " من " على " حول " لأنه ظرف والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف . وقال الأخفش : " من " زائدة أي حافين حول العرش . وهو كقولك : ما جاءني من أحد ، فمن توكيد . الثعلبي : والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح وتحذفها أحيانا ، فيقولون : سبح بحمد ربك ، وسبح حمدا لله . قال الله تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى " [ الأعلى : 1 ] وقال : " فسبح باسم ربك العظيم " [ الواقعة : 74 ] . " وقضي بينهم بالحق " بين أهل الجنة والنار . وقيل : قضى بين النبيين الذين جيء بهم مع الشهداء وبين أممهم بالحق والعدل . " وقيل الحمد لله رب العالمين " أي يقول المؤمنون الحمد لله على ما أثابنا من نعمه وإحسانه ونصرنا على من ظلمنا . وقال قتادة في هذه الآية : افتتح الله أول الخلق بالحمد لله . فقال : " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " [ الأنعام :1 ] وختم بالحمد فقال : " وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " فلزم الاقتداء به ، والأخذ في ابتداء كل أمر بحمده وخاتمته بحمده . وقيل : إن قول " الحمد لله رب العالمين " من قول الملائكة ، فعلى هذا يكون حمدهم لله تعالى على عدله وقضائه . وروي من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر آخر سورة " الزمر " فتحرك المنبر مرتين .
{ وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين }
{ وترى الملائكة حافّين } حال { من حول العرش } من كل جانب منه { يسبحون } حال من ضمير حافين { بحمد ربهم } ملابسين للحمد : أي يقولون : سبحان الله وبحمده { وقضيَ بينهم } بين جميع الخلائق { بالحق } أي العدل فيدخل المؤمنون الجنة ، والكافرين النار { وقيل الحمد لله رب العالمين } ختم استقرار الفريقين بالحمد من الملائكة .
قوله : { وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } ذلك وصف لحال الملائكة إذ يُحدِقون من حول العرش العظيم يسبحون بحمد ربهم فيعظمونه ويمجِّدونه ويذكرونه ذكرا مستديما .
قوله : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ } أي قضى الله بين عباده بالعدل والصدق { وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } هذه شهادة حق ينطق بها الكون كله بما فيه من مختلف الخلائق والكائنات والأجناس على أن الله له الحمد والثناء وهو المستحق لبالغ الشكر والتقديس والإذعان{[4000]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.