في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

36

وبعد هذا المشهد المعترض لبيان حالهم يوم يرجعون إلى الله الذي به يشركون ، والذي تشمئز قلوبهم حين يذكر وحده ، وتستبشر حينما تذكر آلهتهم المدعاة . بعد هذا يعود إلى تصوير حالهم العجيب . فهم ينكرون وحدانية الله . فأما حين يصيبهم الضر فهم لا يتوجهون إلا له وحده ضارعين منيبين . حتى إذا تفضل عليهم وأنعم راحوا يتبجحون وينكرون :

( فإذا مس الإنسان ضر دعانا . ثم إذا خولناه نعمة منا ، قال : إنما أوتيته على علم . بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون ) . .

والآية تصور نموذجاً مكرراً للإنسان ، ما لم تهتد فطرته إلى الحق ، وترجع إلى ربها الواحد ، وتعرف الطريق إليه ، فلا تضل عنه في السراء والضراء .

إن الضر يسقط عن الفطرة ركام الأهواء والشهوات ، ويعريها من العوامل المصطنعة التي تحجب عنها الحق الكامن فيها وفي ضمير هذا الوجود . فعندئذ ترى الله وتعرفه وتتجه إليه وحده . حتى إذا مرت الشدة وجاء الرخاء ، نسي هذا الإنسان ما قاله في الضراء ، وانحرفت فطرته بتأثير الأهواء . وقال عن النعمة والرزق والفضل : ( إنما أوتيته على علم ) . . قالها قارون ، وقالها كل مخدوع بعلم أو صنعة أو حيلة يعلل بها ما اتفق له من مال أو سلطان . غافلاً عن مصدر النعمة ، وواهب العلم والقدرة ، ومسبب الأسباب ، ومقدر الأرزاق .

( بل هي فتنة . ولكن أكثرهم لا يعلمون ) . .

هي فتنة للاختبار والامتحان . ليتبين إن كان سيشكر أو سيكفر ؛ وإن كان سيصلح بها أم سيفسد ؛ وإن كان سيعرف الطريق أم يجنح إلى الضلال .

والقرآن - رحمة بالعباد - يكشف لهم عن السر ، وينبههم إلى الخطر ، ويحذرهم الفتنة . فلا حجة لهم ولا عذر بعد هذا البيان .

وهو يلمس قلوبهم بعرض مصارع الغابرين قبلهم . مصارعهم بمثل هذه الكلمة الضالة التي يقولها قائلهم : ( إنما أوتيته على علم ) . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

خولناه : أعطيناه .

فتنة : بليّة ، مصيبة ، لأن النعمة قد تكون فتنة أحيانا .

ثم بين الله تعالى أن الإنسان إذا أصابه ضر نادى الله متضرعاً ، لكنه إذا أعطاه نعمة قال : ما أوتيتُ هذه النعم إلا لعلمٍ عندي ، وجميل تدبيري ، وقد غاب عنه أن الأمر ليس كما قال ، بل إن هذه النعمة التي تفضّل الله بها عليه هي اختبارٌ له وفتنةٌ ليظهر الطائع من العاصي ، { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

وقوله { إنما أوتيته على علم } أعطيته على شرف وفضل وكنت علمت أني سأعطى هذا باستحقاقي { بل هي فتنة } أي تلك العطية فتنة من الله تعالى يبتلي به العبد ليشكر أو يكفر