في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

( ليسأل الصادقين عن صدقهم ) . . والصادقون هم المؤمنون . فهم الذين قالوا كلمة الصدق ، واعتنقوا عقيدة الصدق . ومن سواهم كاذب ، لأنه يعتقد بالباطل ويقول كلمة الباطل . ومن ثم كان لهذا الوصف دلالته وإيحاؤه . وسؤالهم عن صدقهم يوم القيامة كما يسأل المعلم التلميذ النجيب الناجح عن إجابته التي استحق بها النجاح والتفوق ، أمام المدعوين لحفل النتائج ! سؤال للتكريم ، وللإعلان والإعلام على رؤوس الأشهاد ، وبيان الاستحقاق ، والثناء على المستحقين للتكريم في يوم الحشر العظيم !

فأما غير الصادقين . الذين دانوا بعقيدة الباطل ، وقالوا كلمة الكذب في أكبر قضية يقال فيها الصدق أو يقال فيها الكذب . قضية العقيدة . فأما هؤلاء فلهم جزاء آخر حاضر مهيأ ، يقف لهم في الانتظار : ( وأعد للكافرين عذابا أليما ) . .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

قوله تعالى : " ليسأل الصادقين عن صدقهم " فيه أربعة أوجه : أحدها : ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم . حكاه النقاش . وفي هذا تنبيه ، أي إذا كان الأنبياء يسألون فكيف من سواهم . الثاني : ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم ، حكاه علي بن عيسى . الثالث : ليسأل الأنبياء عليهم السلام عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم ، حكاه ابن شجرة . الرابع : ليسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة ، وفي التنزيل : " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " [ الأعراف : 6 ] . وقد تقّدم{[12720]} . وقيل : فائدة سؤالهم توبيخ الكفار ، كما قال تعالى : " أأنت قلت للناس " {[12721]} [ المائدة : 116 ] . " وأعد للكافرين عذابا أليما " وهو عذاب جهنم .


[12720]:راجع ج 7 ص 164.
[12721]:راجع ج 6 ص 374.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

ولما كان الأخذ على النبيين في ذلك اخذاً على أممهم ، وكان الكفر معذباً عليه من غير شرط ، والطاعة مثاباً عليها{[55099]} بشرط الإخلاص علله ، معبراً بما هو مقصود السورة فقال ملتفتاً إلى مقام الغيبة لتعظيم الهيبة لأن الخطاب إذا طال استأنس المخاطب : { ليسأل } أي يوم القيامة { الصادقين } أي في الوفاء بالعهد { عن صدقهم } هل هو لله{[55100]} خالصاً{[55101]} أو لا ، تشريفاً لهم{[55102]} وإهانة وتبكيتاً للكاذبين{[55103]} ، ويسأل الكافرين عن كفرهم ما الذي حملهم عليه ، والحال أنه أعد للصادقين ثواباً عظيما { وأعد للكافرين } أي الساترين لإشراق أنوار الميثاق { عذاباً أليماً } فالآية ، من محاسن رياض الاحتباك ، وإنما صرح بسؤال الصادق بشارة له{[55104]} بتشريفه في ذلك الموقف العظيم ، وطوى سؤال الكفار إشارة إلى استهانتهم بفضيحة الكذب{ ويحلفون على الكذب{[55105]} وهم يعلمون }[ المجادلة : 14 ] { فيحلفون له كما يحلفون لكم }{[55106]}[ المجادلة : 18 ] وذكر ما هو أنكى لهم .


[55099]:في ظ: عليه.
[55100]:زيد من ظ وم ومد.
[55101]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: خالص.
[55102]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له.
[55103]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للكافرين.
[55104]:سقط من ظ.
[55105]:زيد من ظ وم ومد والقرآن الكريم سورة 58 آية 14.
[55106]:سورة 58 آية 18.