في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

فذلك أخذ الآخرة وهذا أخذ الدنيا ؛ فكيف تنجون بأنفسكم وتقوها هذا الهول الرعيب ?

( فكيف تتقون - إن كفرتم - يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به ? ) . .

وإن صورة الهول هنا لتنشق لها السماء ، ومن قبل رجفت لها الأرض والجبال . وإنها لتشيب الولدان . وإنه لهول ترتسم صوره في الطبيعة الصامتة ، وفي الإنسانية الحية . . في مشاهد ينقلها السياق القرآني إلى حس المخاطبين كأنها واقعة . . ثم يؤكدها تأكيدا . ( كان وعده مفعولا ) . . واقعا لا خلف فيه . وهو ما شاء فعل وما أراد كان !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

قوله تعالى : " السماء منفطر به " أي متشققة لشدته . ومعنى " به " أي فيه ؛ أي في ذلك اليوم لهوله . هذا أحسن ما قيل فيه . ويقال : مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه ، كقوله تعالى : " ثقلت في السموات والأرض " [ الأعراف : 187 ] . وقيل : " به " أي له ، أي لذلك اليوم ، يقال : فعلت كذا بحرمتك ولحرمتك ، والباء واللام وفي : متقاربة في مثل هذا الموضع ، قال الله تعالى : " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " [ الأنبياء : 47 ] أي في يوم القيامة . وقيل : " به " أي بالأمر أي السماء منفطر بما يجعل الولدان شيبا . وقيل : منفطر بالله ، أي بأمره ، وقال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل منفطرة ؛ لأن مجازها{[15530]} السقف ، تقول : هذا سماء البيت ، قال الشاعر :

فلو رَفَعَ السماءُ إليه قومًا *** لحِقْنَا بالسماء وبالسَّحَابِ

وفي التنزيل : " وجعلنا السماء سقفا محفوظا " [ الأنبياء : 32 ] . وقال الفراء : السماء يذكر ويؤنث . وقال أبو علي : هو من باب الجراد المنتشر ، والشجر الأخضر ، و " أعجاز نخل منقعر " [ القمر : 20 ] . وقال أبو علي أيضا : أي السماء ذات انفطار ، كقولهم : امرأة مرضع ، أي ذات إرضاع ، فجرى على طريق النسب . " كان وعده " أي بالقيامة والحساب والجزاء " مفعولا " كائنا لا شك فيه ولا خلف . وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله .


[15530]:مجازها: معناها.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

{ السماء منفطر به } الانفطار الانشقاق والضمير المجرور يعود على اليوم أي : تتفطر السماء لشدة هوله ويحتمل أن يعود على الله أي : تنفطر بأمره وقدرته والأول أظهر والسماء مؤنثة وجاء منفطر بالتذكير لأن تأنيثها غير حقيقي أو على الإضافة تقديره ذات انفطار أو لأنه أراد السقف .

{ كان وعده مفعولا } الضمير في وعده يحتمل أن يعود على اليوم أو على الله والأول أظهر لأنه ملفوظ به .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرُۢ بِهِۦۚ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَفۡعُولًا} (18)

ولما كان هذا أمراً عظيماً ، صور بعض أهواله زيادة في عظمه فقال{[69565]} : { السماء } أي على عظمها وعلوها وشدة إحكامها . ولما كان المراد الجنس{[69566]} الشامل للكل ذكر فقال : { منفطر } أي منشق متزايل من هيبة الرب تزايل المتفرط من السلك ، ولو أنث لكان ظاهراً في واحدة من السماوات ، وفي اختيار التذكير أيضاً لطيفة أخرى ، وهي إفهام الشدة الزائدة في الهول المؤدي إلى انفطاره{[69567]} ما هو في غاية الشدة لأن الذكر في كل شيء أشد من الأنثى ، وذلك كله تهويلاً لليوم المذكور{[69568]} { به } أي بشدة ذلك اليوم وباؤه للآلة ، ويجوز كونها بمعنى " فيه " أي يحصل فيه التفطر والتشقق بالغمام ونزول الملائكة وغير ذلك من التساقط والوهي على شدة وثاقتها{[69569]} فما ظنك بغيرها .

ولما كان هذا عظيماً ، استأنف بيان هوانه{[69570]} بالنسبة إلى عظمته سبحانه وتعالى فقال : { كان } أي على كل-{[69571]} حال وبكل اعتبار { وعده } أي وعد الله الذي تقدم ذكره في مظاهر العظمة ، فالإضافة للمصدر على الفاعل { مفعولاً * } أي سهلاً مفروغاً{[69572]} منه في أي شيء كان ، فكيف إذا كان بهذا اليوم الذي هو محط الحكمة ، أو الضمير لليوم فالإضافة إلى المفعول ، إشارة إلى أن الوعد الواقع به وفيه لا بد منه ، ومعلوم أنه لا يكون إلا من الله .


[69565]:زيد في الأصل: مشيرا إليه، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفنا ها.
[69566]:من ظ و م، وفي الأصل: لذكر.
[69567]:من ظ و م، وفي الأصل: إلا انفطاره.
[69568]:سقط من ظ و م.
[69569]:من ظ و م، وفي الأصل: وثاقها.
[69570]:من ظ و م، وفي الأصل: هوله.
[69571]:زيد من ظ و م.
[69572]:من ظ و م، وفي الأصل: مظروفا.