في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يخطب بهذه السورة في العيد والجمعة ؛ فيجعلها هي موضوع خطبته ومادتها ، في الجماعات الحافلة . . وإن لها لشأنا . .

إنها سورة رهيبة ، شديدة الوقع بحقائقها ، شديدة الإيقاع ببنائها التعبيري ، وصورها وظلالها وجرس فواصلها . تأخذ على النفس أقطارها ، وتلاحقها في خطراتها وحركاتها ، وتتعقبها في سرها وجهرها ، وفي باطنها وظاهرها . تتعقبها برقابة الله ، التي لا تدعها لحظة واحدة من المولد ، إلى الممات ، إلى البعث ، إلى الحشر ، إلى الحساب . وهي رقابة شديدة دقيقة رهيبة . تطبق على هذا المخلوق الإنساني الضعيف إطباقا كاملا شاملا . فهو في القبضة التي لا تغفل عنه أبدا ، ولا تغفل من أمره دقيقا ولا جليلا ، ولا تفارقه كثيرا ولا قليلا . كل نفس معدود . وكل هاجسة معلومة . وكل لفظ مكتوب . وكل حركة محسوبة . والرقابة الكاملة الرهيبة مضروبة على وساوس القلب ، كما هي مضروبة على حركة الجوارح . ولا حجاب ولا ستار دون هذه الرقابة النافذة ، المطلعة على السر والنجوى اطلاعها على العمل والحركة ، في كل وقت وفي كل حال .

وكل هذه حقائق معلومة . ولكنها تعرض في الأسلوب الذي يبديها وكأنها جديدة ، تروع الحس روعة المفاجأة ؛ وتهز النفس هزا ، وترجها رجا ، وتثير فيها رعشة الخوف ، وروعة الإعجاب ، ورجفة الصحو من الغفلة على الأمر المهول الرهيب !

وذلك كله إلى صور الحياة ، وصور الموت ، وصور البلى ، وصور البعث ، وصور الحشر . وإلى إرهاص الساعة في النفس وتوقعها في الحس . وإلى الحقائق الكونية المتجلية في السماء والأرض ، وفي الماء والنبت ، وفي الثمر والطلع . . ( تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ) . .

وإنه ليصعب في مثل هذه السورة التلخيص والتعريف ، وحكاية الحقائق والمعاني والصور والظلال ، في غير أسلوبها القرآني الذي وردت فيه ؛ وفي غير عبارتها القرآنية التي تشع بذاتها تلك الحقائق والمعاني والصور والظلال ، إشعاعا مباشرا للحس والضمير .

فلنأخذ في استعراض السورة بذاتها . . والله المستعان . .

1

وتبدأ السورة بالقسم . القسم بالحرف : ( قاف )وبالقرآن المجيد ، المؤلف من مثل هذا الحرف . بل إنه هو أول حرف في لفظ " قرآن " . .

ولا يذكر المقسم عليه . فهو قسم في ابتداء الكلام ، يوحي بذاته باليقظة والاهتمام . فالأمر جلل ، والله يبدأ الحديث بالقسم ، فهو أمر إذن له خطر . ولعل هذا هو المقصود بهذا الابتداء . إذ يضرب بعده بحرف( بل )عن المقسم عليه - بعد أن أحدث القسم أثره في الحس والقلب - ليبدأ حديثا كأنه جديد عن عجبهم واستنكارهم لما جاءهم به رسولهم في القرآن المجيد من أمر البعث والخروج :

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة ق وهي مكية

{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }

يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الوجوه كثير البركات ، جزيل المبرات . والمجد : سعة الأوصاف وعظمتها ، وأحق كلام يوصف بهذا ، هذا القرآن ، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين ، الذي حوى من الفصاحة أكملها ، ومن الألفاظ أجزلها ، ومن المعاني أعمها وأحسنها ، وهذا موجب لكمال اتباعه ، و [ سرعة ] الانقياد له ، وشكر الله على المنة به .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ق

مكية وآياتها خمس وأربعون

قوله عز وجل : { ق } قال ابن عباس : هو قسم ، وقيل : هو اسم للسورة ، وقيل : هو اسم من أسماء القرآن . وقال القرظي : هو مفتاح اسمه القدير ، والقادر والقاهر والقريب والقابض . وقال عكرمة والضحاك : هو جبل يحيط بالأرض من زمردة خضراء ، منه خضرة السماء والسماء مقببة عليه ، وعليه كتفاها ، ويقال هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة . وقيل : معناه قضي الأمر ، أو قضي ما هو كائن ، كما قالوا في حم . { والقرآن المجيد } الشريف الكريم على الله ، الكثير الخير .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي أربعون وخمس آيات بلا خلاف

{ ق } قضي ما هو كائن إلى يوم القيامة { والقرآن المجيد } الكبير القدر و الكثير الخير

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وآياتها خمس وأربعون . وهي حافلة بألوان التذكير والتحذير والترهيب . وفيها من مختلف العبر والمواعظ والمشاهد والآيات ما يقرع القلب والوجدان ويزلزل الفرائض والأبدان ، ويأتي في طليعة ذلك كله التنبيه إلى أحداث يوم القيامة وما يقع حينئذ من شديد الأهوال والفظائع . لا جرم أن هذه أحداث كونية رهيبة تفوق التصور والحس وهي آتية لا محالة .

إلى غير ذلك من الأخبار والمواعظ التي تضمنتها آيات ربانية فذة يتدفق منها جمال النظم الباهر ، وتتقاطر منها روعة الأسلوب العجيب المذهل ، إن ذلكم لهو الإعجاز .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ق والقرآن المجيد 1 بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب 2 أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد 3 قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ 4 بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج } .

يبين الله في هذه الآيات خفة أحلام المشركين وسرعة نكولهم عن الحق لما جاءهم نبي من أنفسهم يدعوهم إلى توحيد الله ويحذرهم الشرك والتكذيب بيوم الحساب لكنهم مع ذلك لجوا في الكفر والتمرد والتكذيب . وفي ذلك يقول سبحانه : { ق والقرآن المجيد } قيل في تأويل " ق " عدة أقوال ليس لها مستند من دليل مقبول . والأصوب من هذه الأقوال أن هذا الحرف كغيره من حروف الهجاء من فواتح السور ، الله أعلم بمراده منها . قوله : { والقرآن المجيد } المجيد : من المجد وهو الكرم ، فقد أقسم الله بقرآنه الكريم ذي القدر العظيم ، والمنزلة الرفيعة . وجواب القسم محذوف وتقديره : ليبعثن ، وقيل : جوابه : لقد علمنا{[4306]} .


[4306]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 384.