في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

16

ثم كتب الله الخلافة في الأرض لرسالة جديدة ورسول جديد ، يرد إلى شريعة الله استقامتها ، وإلى قيادة السماء نصاعتها ؛ ويحكم شريعة الله لا أهواء البشر في هذه القيادة :

( ثم جعلناك على شريعة من الأمر ، فاتبعها ، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) . .

وهكذا يتمحض الأمر . فإما شريعة الله . وإما أهواء الذين لا يعلمون . وليس هنالك من فرض ثالث ، ولا طريق وسط بين الشريعة المستقيمة والأهواء المتقلبة ؛ وما يترك أحد شريعة الله إلا ليحكم الأهواء فكل ما عداها هوى يهفو إليه الذين لا يعلمون !

/خ19

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

{ 18-19 } { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }

أي : ثم شرعنا لك شريعة كاملة تدعو إلى كل خير وتنهى عن كل شر من أمرنا الشرعي { فَاتَّبِعْهَا } فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح ، { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أي : الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه ، وهم كل من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم هواه وإرادته فإنه من أهواء الذين لا يعلمون .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

{ ثم جعلناك على شريعة } مذهب وملة { من الأمر } من الدين { فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } مراد الكافرين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " ثم جعلناك على شريعة من الأمر " الشريعة في اللغة : المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - : شريعة . ومنه الشارع ؛ لأنه طريق إلى المقصد . فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع الشرائع . والشرائع في الدين : المذاهب التي شرعها الله لخلقه . فمعنى : " جعلناك على شريعة من الأمر " أي على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق . وقال ابن عباس : " على شريعة " أي على هدى من الأمر . قتادة : الشريعة الأمر والنهي والحدود والفرائض . مقاتل : البينة ؛ لأنها طريق إلى الحق . الكلبي : السنة ؛ لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء . ابن زيد : الدين ؛ لأنه طريق النجاة . قال ابن العربي : والأمر يرد في اللغة بمعنيين : أحدهما : بمعنى الشأن كقوله : " فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد " {[13785]} [ هود : 97 ] . والثاني : أحد أقسام الكلام الذي يقابله الذي يقابله النهي . وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا . وتقديره : ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى : " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " {[13786]} [ النحل : 123 ] . ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه .

الثانية- قال ابن العربي : ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ؛ لأن الله تعالى أفرد النبي صلى الله عليه وسلم وأمته في هذه الآية بشريعة ، ولا ننكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا . " ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " يعني المشركين . وقال ابن عباس : قريظة والنضير . وعنه : نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه .


[13785]:آية 97 سورة هود.
[13786]:آية 123 سورة النحل.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

{ جعلناك على شريعة من الأمر } أي : ملة ودين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

ولما كان معنى هذا أنه سبحانه وتعالى جعل بني إسرائيل على شريعة وهددهم على الخلاف فيها ، فكان تهديدهم تهديداً لنا ، قال مصرحاً بما اقتضاه سوق الكلام وغيره من تهديدنا منبهاً على علو شريعتنا : { ثم } أي بعد فترة من رسلهم ومجاوزة رتب{[58089]} كثيرة عالية على رتبة-{[58090]} شريعتهم { جعلناك } أي{[58091]} بعظمتنا { على شريعة } أي طريقة واسعة عظيمة ظاهرة مستقيمة سهلة موصلة إلى المقصود هي جديرة بأن يشرع الناس فيها ويخالطوها مبتدئة{[58092]} { من الأمر } الذي هو وحينا وهو حياة الأرواح كما أن الأرواح حياة الأشباح .

ولما بين بهذه العبارة بعض فضلها على ما كان قبلها ، سبب عنه قوله موجهاً الخطاب إلى الإمام بما أراد به المأمومين{[58093]} ليكون أدعى إلى اجتهادهم ، فإن أمرهم تكليف وأمر إمامهم تكوين : { فاتبعها } أي بغاية جهدك . ولما كانت الشريعة العقل المحفوظ الذي أخبر الله أنه به يأخذ وبه يعطي ، كان الإعراض عنها إلى غيرها إنما هو هوى ، ولما كان آحاد الأمة غير معصومين أشار إلى العفو{[58094]} عن هفواتهم بقوله تعالى : { ولا تتبع } أي تتعمدوا أن تتبعوا { أهواء الذين لا يعلمون * } أي لا علم لهم أو لهم علم ولكنهم يعملون عمل من ليس لهم علم أصلاً من كفار العرب وغيرهم ، فإن من تعمد اتباعهم {[58095]}فعلت بهم{[58096]} ما فعلت ببني{[58097]} إسرائيل حيث لعنتهم على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام{[58098]} بعد ما لعنتهم على لسان موسى عليه الصلاة والسلام .


[58089]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: رسل.
[58090]:زيد من ظ و م ومد.
[58091]:سقط من ظ ومد.
[58092]:زيد في الأصل: تامة، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58093]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: المأمومون.
[58094]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عفوه.
[58095]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فعل.
[58096]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فعل.
[58097]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: بنى.
[58098]:زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن في ظ و م ومد فحذفناها.