في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وبعد رسم هذا الجو ، وفتح هذا المجال ، تجيء الإشارة إلى الحادث في لمسات قلائل :

( قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود . وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد . الذي له ملك السماوات والأرض ، والله على كل شيء شهيد ) . .

وتبدأ الإشارة إلى الحادث بإعلان النقمة على أصحاب الأخدود : ( قتل أصحاب الأخدود ) . . وهي كلمة تدل على الغضب . غضب الله على الفعلة وفاعليها . كما تدل على شناعة الذنب الذي يثير غضب الحليم ، ونقمته ، ووعيده بالقتل لفاعليه .

/خ9

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

المفردات :

قتل : لعن أشد اللعن ( جواب القسم ) .

الأخدود : الشقّ المستطيل في الأرض ، ويجمع على أخاديد .

التفسير :

4- قتل أصحاب الأخدود .

أي : لعن أصحاب الأخدود ، وأصابهم القتل جزاء ما فعلوا بالمؤمنين من تقتيل وتعذيب .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وجواب القسم قوله : { قتل أصحاب الأخدود } بتقدير اللام وقد . أي لقد قتلوا ؛ أي لعنوا أشد اللعن .

والجملة خبرية . وقيل : هي دعاء عليهم بالإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى وجواب القسم محذوف لدلالتها عليه ؛ كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء إن كفار مكة لملعونون كما لعن أصحاب الأخدود . والأخدود : الخد ، وهو الشق العظيم المستطيل في الأرض كالخندق ؛ وجمعه أخاديد . وأصحاب

الأخدود : قوم كافرون ذوو بأس وشدة ، نقموا على المؤمنين إيمانهم بالله ونكلوا بهم ؛ فحفروا لهم أخدودا في الأرض ، وأسعروا النار فيه ، وألقوهم فيه لإبائهم الارتداد إلى الكفر . { النار ذات الوقود } بدل اشتمال من الأخدود ؛ أي النار فيه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

قوله تعالى : " قتل أصحاب الأخدود " ي لعن . قال ابن عباس : كل شيء في القرآن " قتل " فهو لعن . وهذا جواب القسم في قول الفراء - واللام فيه مضمرة ، كقوله : " والشمس وضحاها " [ الشمس : 1 ] ثم قال " قد أفلح من زكاها " [ الشمس : 9 ] : أي لقد أفلح . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج . قاله أبو حاتم السجستاني . ابن الأنباري : وهذا غلط لأنه لا يجوز لقائل أن يقول : والله قام زيد على معنى قام زيد والله . وقال قوم : جواب القسم " إن بطش ربك لشديد " وهذا قبيح ؛ لأن الكلام قد طال بينهما . وقيل : " إن الذين فتنوا " . وقيل : جواب القسم محذوف ، أي والسماء ذات البروج لتبعثن . وهذا اختيار ابن الأنباري . والأخدود : الشق العظيم المستطيل في الأرض كالخندق ، وجمعه أخاديد . ومنه الخد لمجاري الدموع ، والمخدة ؛ لأن الخد يوضع عليها . ويقال : تخدد وجه الرجل : إذا صارت فيه أخاديد من جراح . قال طرفة :

ووجهٌ كأنَّ الشمسَ حَلَّتْ رِدَاءَهَا *** عليه نقيُّ اللون لم يَتَخَدَّدِ

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

ولما كان جواب القسم على-{[72473]} ما دل عليه مقصود السورة وسوابقها ولواحقها : لنثوبن الفريقين الأولياء والأعداء ، ولندينن كلاًّ بما عمل ، دل عليه بأفعاله{[72474]} في الدنيا ببعض الجبابرة فيما مضى ، وفيما يفعل بجبابرة من كذب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بادئاً بمن عذب بعذاب الله في القيامة للبداءة في آخر الانشقاق بقسم المكذبين وهم المحدث عنهم ، معبراً بما يصلح للدعاء والحقيقة تسلية للمؤمنين وتثبيتاً لهم بما وقع لأمثالهم ، وتحذيراً مما كان لأشكالهم : { قتل } أي لعن بأيسر أمر وأسهله من كل لاعن لعناً لا فلاح معه ، ووقع في الدنيا أنه قتل حقيقة { أصحاب الأخدود * } أي الخد العظيم ، وهو الشق المستطيل في الأرض كالنهر ، روي{[72475]} أن ملكاً من الكفار - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان من حمير - من ملوك اليمن ، وكان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة ، آمن في زمانه ناس كثير ، فخدّ لهم أخدوداً في الأرض وسجره ناراً وعرض من آمن عليه ، فمن رجع عن دينه تركه ، ومن ثبت - وهم الأغلب - قذفه في ذلك الأخدود فأحرقه .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : وردت هذه السورة في معرض الالتفات والعدول إلى إخبار نبي الله صلى الله عليه وسلم بما تضمنته هذه السورة من قصة أصحاب الأخدود ، وقد-{[72476]} تقدم هذا الضرب في سورة المجادلة وسورة النبأ ، وبينا وقوعه في أنفس السور ومتونها وهو أقرب فيما بين السورتين وأوضح - انتهى .


[72473]:زيد من م.
[72474]:من ظ و م، وفي الأصل: بأمثاله.
[72475]:راجع المعالم7/191.
[72476]:زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.