في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأعلى مكية وآياتها تسع عشرة

في رواية للإمام أحمد عن الإمام علي - كرم الله وجهه - أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] كان يحب هذه السورة : ( سبح اسم ربك الأعلى ) . . وفي صحيح مسلم أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ، و( هل أتاك حديث الغاشية ) . وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما . .

وحق لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبدا تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده ، ومعرضا يحفل بموحيات التسبيح والتحميد : ( سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى . فجعله غثاء أحوى ) . . وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد . .

وحق له [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحبها ، وهي تحمل له من البشريات أمرا عظيما . وربه يقول له ، وهو يكلفه التبليغ والتذكير : ( سنقرئك فلا تنسى - إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى - ونيسرك لليسرى . فذكر إن نفعت الذكرى ) . . وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن ، ورفع هذه الكلفة عن عاتقه . ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة . وهو أمر عظيم جدا .

وحق له [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحبها ، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني : من توحيد الرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي ، وتقرير الجزاء في الآخرة . وهي مقومات العقيدة الأولى . ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة ، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان : ( إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى ) . . فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة ، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها . . طبيعة اليسر والسماحة . .

وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ؛ ووراءها مجالات بعيدة المدى . .

( سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى . فجعله غثاء أحوى ) . .

إن هذا الافتتاح ، بهذا المطلع الرخي المديد ، ليطلق في الجو ابتداء أصداء التسبيح ، إلى جانب معنى التسبيح . وإن هذه الصفات التي تلي الأمر بالتسبيح : ( الأعلى الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى . فجعله غثاء أحوى ) . . لتحيل الوجود كله معبدا يتجاوب جنباته بتلك الأصداء ؛ ومعرضا تتجلى فيه آثار الصانع المبدع : ( الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ) . .

والتسبيح هو التمجيد والتنزيه واستحضار معاني الصفات الحسنى لله ، والحياة بين إشعاعاتها وفيوضاتها وإشراقاتها ومذاقاتها الوجدانية بالقلب والشعور . وليست هي مجرد ترديد لفظ : سبحان الله ! . . و( سبح اسم ربك الأعلى ) . . تطلق في الوجدان معنى وحالة يصعب تحديدها باللفظ ، ولكنها تتذوق بالوجدان . وتوحي بالحياة مع الإشراقات المنبثقة من استحضار معاني الصفات .

والصفة الأولى القريبة في هذا النص هي صفة الرب . وصفة الأعلى . . والرب : المربي والراعي ، وظلال هذه الصفة الحانية مما يتناسق مع جو السورة وبشرياتها وإيقاعاتها الرخية . . وصفة الأعلى تطلق التطلع إلى الآفاق التي لا تتناهى ؛ وتطلق الروح لتسبح وتسبح إلى غير مدى . . وتتناسق مع التمجيد والتنزيه ، وهو في صميمه الشعور بصفة الأعلى . .

والخطاب هنا لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ابتداء . وهذا الأمر صادر إليه من ربه . بهذه الصيغة : ( سبح اسم ربك الأعلى ) . . وفيه من التلطف والإيناس ما يجل عن التعبير . وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقرأ هذا الأمر ، ثم يعقب عليه بالاستجابة المباشرة ، قبل أن يمضي في آيات السورة ، يقول : " سبحان ربي الأعلى " . . فهو خطاب ورده . وأمر وطاعته . وإيناس ومجاوبته . . إنه في حضرة ربه ، يتلقى مباشرة ويستجيب . في أنس وفي اتصال قريب . . وحينما نزلت هذه الآية قال : " اجعلوها في سجودكم " . وحينما نزلت قبلها : ( فسبح باسم ربك العظيم ) . . قال : " اجعلوها في ركوعكم " . . فهذا التسبيح في الركوع والسجود كلمة حية ألحقت بالصلاة وهي دافئة بالحياة . لتكون استجابة مباشرة لأمر مباشر . أو بتعبير أدق . . لإذن مباشر . . فإذن الله لعباده بأن يحمدوه ويسبحوه إحدى نعمه عليهم وأفضاله . إنه إذن بالاتصال به - سبحانه - في صورة مقربة إلى مدارك البشر المحدودة . صورة تفضل الله عليهم بها ليعرفهم ذاته . في صفاته . في الحدود التي يملكون أن يتطلعوا إليها . وكل إذن للعباد بالاتصال بالله في أية صورة من صور الاتصال ، هو مكرمة له وفضل على العباد .

( سبح اسم ربك الأعلى ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأعلى

أهداف سورة الأعلى

( سورة الأعلى مكية ، وآياتها 19 آية ، نزلت بعد سورة التكوير )

وهي أنشودة سماوية فيها تسبيح بحمد الله ، وبيان دلائل قدرته ، وإثبات الوحي الإلهي ، وتقرير الجزاء في الآخرة . وبيان الوحدة بين الرسالات السماوية ، واشتمال الرسالة المحمدية على اليسر والسماحة ، وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ووراءها مجالات بعيدة المدى .

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية ، وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهماi .

وفي رواية للإمام أحمد ، عن الإمام علي رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة : سبّح اسم ربك الأعلىii .

مع آيات السورة

1-5- سبّح اسم ربك الأعلى* الذي خلق فسوّى* والذي قدّر فهدى* والذي أخرج المرعى* فجعله غثاء أحوى .

التسبيح هو التمجيد والتنزيه ، واستحضار معاني الصفات الحسنى لله ، والحياة بين إشاعاتها وفيوضاتها ، وإشراقاتها ومذاقاتها الوجدانية بالقلب والشعور .

يقول الإمام محمد عبده : واسم الله هو ما يمكن لأذهاننا أن تتوجه إليه به ، والله يأمرنا بتسبيح هذا الإسم ، أي تنزيهه عن أن يكون فيه ما لا يليق به من شبه المخلوقات أو ظهوره في واحد منها بعينه ، أو اتخاذه شريكا أو ولدا أو ما ينحو هذا النحو ، فلا نوجه عقولنا إليه إلا بأنه خالق كل شيء ، المحيط علمه بدقائق الموجوداتiii .

والخطاب في السورة موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه من التلطف والإيناس ما يجلّ عن التعبير ، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينفذ هذا الأمر فور صدوره .

وحينما نزل قوله تعالى : فسبّح باسم ربك العظيم . ( الواقعة : 74 ) . قال صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوها في ركوعكم ) ، أي قولوا في الركوع : سبحان الله العظيم ، ولما نزل قوله تعالى : سبّح اسم ربك الأعلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوها في سجودكم )iv ، أي قولوا في السجود ، سبحان ربي الأعلى .

الذي خلق فسوّى . الذي خلق كل شيء فسواه وأكمل صنعته ، وبلغ به غاية الكمال الذي يناسبه بلا تفاوت ولا اضطراب ، كما تراه يظهر لك في خلق السماوات والأرض .

والذي قدّر فهدى . أي : قدر لكل حي ما يصلحه مدة بقائه ، وهداه إليه وعرّفه وجه الانتفاع بما فيه منفعة له ، ووجه الهرب مما يخشى غائلته .

( وكل شيء في الوجود سويّ في صنعته ، كامل في خلقته ، معه لأداء وظيفته ، مقدر له غاية وجوده ، وهو ميسر لتحقيق هذه الغاية من أيسر طريق ، وجميع الأشياء مجتمعة كاملة التنسيق ميسرة ، لكي تؤدي في تجمعها دورها الجماعي ، مثلما هي ميسرة فرادى لكي تؤدي دورها الفردي )v .

جاء في كتاب ( العلم يدعو إلى الإيمان ) ما يأتي :

إن الطيور لها غريزة العودة إلى الوطن ، فعصفور الهزار الذي عشش ببابك جنوبا في الخريف ، ولكنه يعود إلى عشه في الربيع التالي ، وفي شهر سبتمبر تطير أسراب من معظم الطيور إلى الجنوب ، وقد تقطع في الغالب نحو ألف ميل فوق أرض البحار ، ولكنها لا تضل طريقها ، والنحلة تجد خليتها مهما طمست الريح في هبوبها على الأعشاب والأشجار كل دليل يرى ، وأنت إذا تركت حصانك العجوز وحده فإنه يلزم الطريق مهما اشتدت ظلمة الليل ، وهو يقدر أن يرى ولو في غير وضوح ، والبومة تستطيع أن ترى الفأر الدافئ اللطيف وهو يجري على العشب البارد مهما كانت ظلمة الليل ، ونحن نقلب الليل نهارا بإحداث إشعاع في تلك المجموعة التي نسميها الضوء .

( والكلب بما أوتي من أنف فضولي ، يستطيع أن يحس الحيوان الذي مر ) . vi .

وسمك ( السلمون ) يمضي سنوات في البحر ، ثم يعود إلى نهره الخاص به ، والأكثر من ذلك أنه يصعد إلى جانب النهر الذي يصب عنده النهير الذي ولد فيه . . فما الذي يجعل السمك يرجع إلى مكان مولده بهذا التحديد ؟

إنه الله : الذي خلق فسوّى* والذي قدّر فهدى .

وقد سجل البشر كثيرا من إبداع الخلقة ، في عوالم النبات والحشرات والطيور والحيوان ، في هذا الوجود المشهود الذي لا نعرف عنه إلا أقل القليل ، ووراءه عالم الغيب بما فيه من كمال وجلال ، فسبحان الله الخلاّق العظيم .

والذي أخرج المرعى . والمرعى كل نبات ، وما من نبات إلا وهو صالح لخلق من خلق الله ، فهو هنا أشمل مما نعهده من مرعى أنعامنا ، فالله خلق هذه الأرض ، وقدّر فيها أقواتها لكل حيّ يدب فوق ظهرها أو يختبئ في جوفها ، أو يطير في جوها ، والنبات يتحايل على استخدام وكلاء لمواصلة وجوده ، دون رغبة من جانبهم ، كالحشرات التي تحمل اللقح من زهرة إلى أخرى ، والرياح ، وكل شيء يطير أو يمشي ، ليوزع بدوره .

فجعله غثاء أحوى . والغثاء : الهشيم ، أو الهالك البالي ، والأحوى : الذي يميل لونه إلى السواد ، فهو سبحانه قد أحكم كل شيء خلقه ، ما يبقى وما يفنى .

( فنحن مأمورون أن نعرف الله جل شأنه ، بأنه القادر العالم الحكيم ، الذي شهدت بصفاته هذه آثاره في خلقه ، التي ذكرها في وصف نفسه في قوله : الذي خلق فسوّى . . . إلخ . وألا ندخل في هذه الصفات معنى مما لا يليق به ، كما أدخل الملحدون الذين اتخذوا من دونه شكاء أو عرّفوه بما يشبه خلقه ، وإنما توجه إلينا الأمر بتسبيح الاسم دون تسبيح الذات ، ليرشدنا إلى أن مبلغ جهدنا ، ومنتهى ما تصل إليه عقولنا ، أن نعرف الصفات بما يدل عليها ، أما الذات فهي أعلى وأرفع من أن تتوجه عقولنا إليها إلا بما نلحظ من هذه الصفات التي تقوم عليها الدلائل ، وترشد إليها الآيات ، لهذه أمرنا ، بتسبيح اسمه تكليفا لنا بما يسعه طوقنا ، والله أعلم )vii .

6 ، 7- سنقرئك فلا تنسى* إلا ما شاء الله . . .

سننزل عليك كتابا تقرؤه ، ولا تنسى منه شيئا بعد نزوله عليك .

وهي بشرى للنبي صلى الله عليه وسلم ، تريحه وتطمئنه على هذا القرآن العظيم الجميل الحبيب إلى قلبه ، الذي كان يندفع بعاطفة الحب له ، وبشعور الحرص عليه ، وبإحساس التبعة العظمى فيه ، إلى ترديده آية آية وراء جبريل ، وتحريك لسانه به خيفة أن ينسى حرفا منه ، حتى جاءته هذه البشائر المطمئنة بأن ربه سيتكفل بهذا الأمر عنه .

إلا ما شاء الله . . . أن تنساه بنسخ تلاوته وحكمه ، أما ما لا ينسخ فإنه محفوظ في قلبك .

إنه يعلم الجهر وما يخفى . وكأن هذا تعليل لما مرّ في هذا المقطع من الإقرار والحفظ والاستثناء ، فكلها ترجع إلى حكمة يعلمها من يعلم الجهر وما يخفى ، ويطلع على الأمر من جوانبه جميعا ، فيقرر فيه ما تقتضيه حكمته المستندة على علمه بأطراف الأمر جميعا .

8- ونيسّرك لليسرى . أي نوافقك للشريعة السمحة التي يسهل على النفوس قبولها ، ولا يصعب على العقول فهمها .

يسر الشريعة الإسلامية

يسّر الله القرآن للقراءة وللعمل بأحكامه ، ويسّر الشريعة ، ويسّر الأحكام وجعلها في طاقة الناس ، ولا حرج فيها ولا عنت ، قال تعالى : ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر . ( القمر : 22 ) .

وقال سبحانه : وما جعل عليكم في الدّين من حرج . . . ( الحج : 78 ) .

وقال تعالى : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهّركم . . . ( المائدة : 6 ) .

وقال تعالى : لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . . . ( البقرة : 286 ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم سهلا سمحا مؤلّفا محببا ، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فكان أبعد الناس عنه ، وكان سلوك النبي صلى الله عليه وسلم وهديه يعبر عن اختيار اليسر ، وقلة التكلف في اللباس والطعام والفراش وكل أمور الحياة ، فكان يلبس لكل موطن ما يناسبه ، فلبس العمامة والقلنسوة في السلم ، ولبس المغفر وغطى رأسه ووجهه بحلقات الحديد في الحرب .

جاء في ( زاد المعاد ) لشمس الدين أبى عبد الله محمد بن قيم الجوزية عن هديه صلى الله عليه وسلم في ملابسه والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنّها وأمر بها ورغ فيها وداوم عليها ، وهي أن هديه في اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة ، والقطن تارة ، والكتان تارة ، ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ، ولبس الجبة والقباء ، والقميص والسراويل ، والإزار والرداء ، والخف والنعل ، وأرخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة . . .

وقال عن هديه في نومه وانتباهه : كان ينام على فراشه تارة ، وعلى النطع تارة ، وعلى الحصير تارة ، وعلى الأرض تارة ، وعلى السرير تارة بين رماله ، وتارة على كساء أسود .

وقال في هديه في الطعام : وكذلك كان هديه صلى الله عليه وسلم وسيرته في الطعام ، لا يردّ موجودا ، ولا يتكلف مفقودا ، فما قرب إليه شيء من الطيبات إلا أكله ، وما عاب طعاما قط ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه .

فقد أكل الحلوى والعسل –وكان يحبهما- وأكل الرطب والتمر ، وأكل الثريد بالسمن ، وأكل الجبن ، وأكل الخبز بالزيت ، وأكل البطيخ بالرطب ، وأكل التمر بالزبد -وكان يحبه- ولم يكن يردّ طيبا ولا يتكلفه ، بل كان هديه أكل ما تيسر ، فإن أعوزه صبر . . .

والأحاديث النبوية التي تحض على اليسر والسماحة ، والرفق في تناول الأمور كثيرة جدا يصعب تقصيها ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه )viii . أخرجه البخاري .

( لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم )ix . أخرجه أبو داود .

( إذ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، فإن المنبتx لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى )xi . أخرجه البخاري .

وفي التعامل يقول صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى )xii . أخرجه البخاري .

( المؤمن يألف ويؤلف )xiii . أخرجه الدارقطني .

( إن أبغض الرجال إلى الله الألدxiv الخصمxv . أخرجه الشيخان .

وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها صفحات من السماحة واليسر ، والهوادة واللين ، والتوفيق إلى اليسر في تناول الأمور جميعا .

اختلف معه أعرابي ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي إلى بيته وزاده في العطاء حتى رضى ، وأعلن عن رضاه أمام الصحابة أجمعين .

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كريم النفس ، ميسرا لحمل الرسالة في أمانة ويسر ، ومودة ورحمة ، وعطف على الناس وحكمة .

قال تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين . ( الأنبياء : 107 ) .

قوال سبحانه : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . ( التوبة : 128 ) .

وكان صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة ، فقد حارب لصد العدوان ، وتبليغ الدعوة ، ومنع الاضطهاد والفتنة عن الضعفاء والمستضعفين ، ومع ذلك كان آية في الإنسانية فكان ينهى عن قتل النساء والأطفال ، وينهى عن الغدر والخيانة ، ويحث على الوفاء بالعهد في السلم والحرب ، ولا عجب فقد جمع المكارم والمحامد ، وصدق الله العظيم : وإنك لعلى خلق عظيم . ( القلم : 4 ) .

9- فذكّر إن نفعت الذكرى . لقد يسره الله لليسرى ، لينهض بالأمانة الكبرى ، وليذكر الناس ، فلهذا أعد ولهذا بشر ، فذكّر حيثما وجدت فرصة للتذكير ، ومنفذا للقلوب ، ووسيلة للبلاغ .

قال النيسابوري في تفسير الآية :

إن تذكير العالم واجب في أول الأمر ، وأما التكرير فالضابط فيه هو العرف ، فلعله إنما يجب عند رجاء حصول المقصود ، فلهذا أردفه بالشرط حيث قال : فذكّر إن نفعت الذكرى . xvi .

وقال الإمام محمد عبده : وليس الشرط قيدا في الأمر ، فقد أجمع أهل الدين –سلفهم وخلفهم- على أن الأمر بالتذكير عام ، نفعت الذكرى ، أم لم تنفع ، وعمله صلى الله عليه وسلم شاهد على ذلكxvii .

10- سيذّكّر من يخشى . ذلك الذي يستشعر قلبه التقوى فيخشى غضب الله وعذابه ، فإذا ذكّر ذكر ، وإذا بصّر أبصر ، وإذا وعظ اعتبر .

11 ، 13- ويتجنّبها الأشقى* الذي يصلى النار الكبرى* ثم لا يموت فيها ولا يحيى .

أي : ويبتعد عن هذه التذكرة المعاند المصر على الجحود عنادا واستكبارا ، حتى مات قلبه وشقيت روحه ، فسيلقى النار الكبرى ، وهي نار جهنم ، وهي كبرى بالنسبة إلى نار الدنيا ، أي هي كبرى لشدتها ومدتها وضخامتها ، حيث يمتد بقاؤه فيها ، فلا هو ميت يجد طعم الراحة ، ولا هو حي فيحيا حياة السعادة ، تقول العرب لمن ابتلى بمرض أقعده : ( لا هو حي فيرجى ، ولا ميت فينعى ) .

14 ، 15- قد أفلح من تزكّى* وذكر اسم ربه فصلّى . قد أدرك الفلاح من تطهر من كل رجس ودنس ، وأيقن بالحق وسعد بالإيمان ، فهو في فلاح وسعادة بذكره اسم الله ، وبصلاته وخشوعه لله ، واعتماده عليه ، فهو في فلاح في الدنيا لأنه عاش موصولا بالله ، مؤديا للصلاة ، مراقبا مولاه ، وهو في فلاح في الآخرة بنجاته من النار الكبرى ، وفوزه بالنعيم والرضا .

16 ، 17- بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى . بل أنتم –لقصر أنظاركم- تؤثرون الفانية على الباقية ، والحال أن الآخرة أفضل من الدنيا في نوعها ، وأبقى في أمدها ، ولو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى ، لوجب إيثار ما يبقى على ما يفنى ، فكيف الحال والدنيا من خزف يفنى ، والآخرة من ذهب يبقى ؟ !

18 ، 19- إن هذا لفي الصّحف الأولى* صحف إبراهيم وموسى . أصول هذه الشريعة العادلة ، وقواعد المؤاخذة والحساب ، وما ورد في هذه السورة من أصول العقيدة الكبرى ، هو الذي في الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى ، فدين الله واحد ، وإنما تتعدد صوره ومظاهره .

وقصارى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا مذكرا بما نسيته الأجيال من شرائع المرسلين ، وداعيا إلى وجهها الصحيح ، الذي أفسده كر الغداة ومر العشى ، كما طمس معالمه اتباع الأهواء ، واقتفاء سنن الآباء والأجداد .

مقاصد سورة الأعلى

1- تسبيح الله وتنزيهه وبيان قدرته .

2- وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن وعدم نسيانه .

3- وعده صلى الله عليه وسلم بالتوفيق إلى الطريقة السهلة الميسرة في الدعوة .

4- تكليفه صلى الله عليه وسلم أن يذكر الناس .

5- الناس صنفان أمام الدعوة :

( أ ) مستجيب ناج . *** ( ب ) معرض هالك .

6- قواعد العدل وأصول الشريعة متشابهة في القرآن وفي الكتب السماوية السابقة .

تنزيه الله تعالى وقدرته وفضله

بسم الله الرحمان الرحيم

{ سبّح اسم ربك الأعلى 1 الذي خلق فسوّى 2 والذي قدّر فهدى 3 والذي أخرج المرعى 4 فجعله غثاء أحوى 5 سنقرئك فلا تنسى 6 إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى 7 ونيسّرك لليسرى 8 }

المفردات :

سبح اسم ربك : نزّهه ومجّده تعالى عما لا يليق به .

التفسير :

1- سبّح اسم ربك الأعلى .

نزّه ربك الأعلى عما لا يليق به من الأوصاف ، في ذاته وأفعاله وأسمائه ، فالله تعالى متصف بكل كمال ، منزّه عن كل نقص ، منزه عن الشريك والمثيل والنظير : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . ( الشورى : 11 ) .

هو سبحانه أول بلا بداية ، وآخر بلا نهاية ، وظاهر في آثار قدرته ، وخلق الكون ، وتسخير الشمس والقمر ، والليل والنهار ، وهو باطن فلا تدركه العيون ، ولا تحويه الظنون .

قال تعالى : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير . ( الأنعام : 103 ) .

إنها نعمة كبرى أن يسمح الإله الأعلى للعبد الفاني بالصلاة وبذكر الله ، حيث يذكر الله من ذكره ، ويتفضل الله على العابدين والذاكرين والمتبتلين ، بفضله وحنانه وبرّه وإنعامه ومودته : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودّا . ( مريم : 96 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأعلى مكية وآياتها تسع عشرة ، نزلت بعد سورة التكوير .

وقد بدئت بتنزيه خالق هذا الكون ، الذي خلق كل شيء وأتقنه ، وقدّر لكل شيء ما يصلحه فهداه إليه ، كما أنبت المرعى أخضر يانعا ثم جعله غُثاء أحوى . وفيها بشرى للرسول الكريم بأن الله سيُقرئه القرآن فلا ينساه إلا ما شاء الله الذي يعلم ما يجهر به العباد وما يُخفونه . ثم أمرت الرسول الكريم أن يذكّر بالقرآن لعلهم ينتفعون بالذكرى ، فالذي يخاف الله يتذكر ويخشع ، أما الأشقى فهو يصرّ على العناد ، ويلقى مصيرا مظلما هو نار جهنم الكبرى ، فلا يموت فيها فيستريح ، ولا يحيا حياة طيبة يسعد فيها .

وأكدت السورة أن الفلاح لمن طهّر نفسه وزكّاها ، وذكر اسم ربه فصلّى . وأن كثيرا من الناس يفضّلون هذه الحياة الدنيا ، مع أن الآخرة خير وأبقى . وأن هذا المذكور في هذه السورة ثابت في الصحف القديمة ، صحف إبراهيم وموسى .

روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين والجمعة : سبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية .

التسبيح : التنزيه .

نزّه يا محمد ربّك الأعظم عن كل ما لا يليق بجلاله . وقد وجّه الله الأمر بتسبيحِ اسمه الأعلى دون تسبيح ذاته ليرشدَنا إلى أن مبلغ جهدنا هو معرفةُ صفاته . أما ذاتُه العليّة فهي أعلى وأبعد من أن ندركها في هذه الحياة الدنيا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة سبح وهي مكية

{ 1 - 19 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }

يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته ، والخضوع لجلاله ، والاستكانة لعظمته ، وأن يكون تسبيحا ، يليق بعظمة الله تعالى ، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم{[1406]} الجليل .


[1406]:- في ب: بمعناها العظيم الجليل.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة الأعلى مكية .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

سورة { سبح اسم ربك الأعلى } .

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

سورة الأعلى وهي مكية في قول الجمهور، وحكى النقاش عن الضحاك أنها مدنية، وذلك ضعيف، وإنما دعا إليه قول من قال : إن ذكر صلاة العيد فيها .

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وهي مكية، والدليل على ذلك ما رواه البخاري : حدثنا عبدان : أخبرني أبي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئاننا القرآن . ثم جاء عمار وبلال وسعد . ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين . ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله قد جاء ، فما جاء حتى قرأت : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " في سور مثلها.

وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا إسرائيل ، عن ثُوَيْر بن أبي فاختَةَ ، عن أبيه ، عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " تفرد به أحمد.

وثبت في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : " هلا صَلّيت بسبح اسم ربك الأعلى ، والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن أبيه ، عن النعمان بن بشير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا.

هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث . وقد رواه مسلم - في صحيحه - وأبو داود والترمذي والنسائي ، من حديث أبو عَوَانة وجرير وشعبة ، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن النعمان بن بشير ، به قال الترمذي : " وكذا رواه الثوري ومسعر ، عن إبراهيم - قال : ورواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم - عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن أبيه ، عن النعمان . ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه " .

وقد رواه ابن ماجة عن محمد بن الصباح ، عن سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن المنتشر ، عن أبيه عن حبيب بن سالم ، عن النعمان به كما رواه الجماعة ، والله أعلم .

ولفظ مسلم وأهل السنن : كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " و " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما .

وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الرحمن بن أبْزَى ، وعائشة أم المؤمنين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " و " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " - زادت عائشة : والمعوذتين.

وهكذا رُوي هذا الحديث - من طريق - جابر وأبي أمامة صُدَيّ بن عجلان ، وعبد الله بن مسعود ، وعمران بن حصين ، وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية ، والله أعلم .

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

في رواية للإمام أحمد عن الإمام علي - كرم الله وجهه - أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] كان يحب هذه السورة : ( سبح اسم ربك الأعلى ) . . وفي صحيح مسلم أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ، و( هل أتاك حديث الغاشية ) . وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما . .

وحق لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبدا تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده ، ومعرضا يحفل بموحيات التسبيح والتحميد : ( سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى . فجعله غثاء أحوى ) . . وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد . .

وحق له [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحبها ، وهي تحمل له من البشريات أمرا عظيما . وربه يقول له ، وهو يكلفه التبليغ والتذكير : ( سنقرئك فلا تنسى - إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى - ونيسرك لليسرى . فذكر إن نفعت الذكرى ) . . وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن ، ورفع هذه الكلفة عن عاتقه . ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة . وهو أمر عظيم جدا .

وحق له [ صلى الله عليه وسلم ] أن يحبها ، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني : من توحيد الرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي ، وتقرير الجزاء في الآخرة . وهي مقومات العقيدة الأولى . ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة ، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان : ( إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى ) . . فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة ، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها . . طبيعة اليسر والسماحة . .

وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ؛ ووراءها مجالات بعيدة المدى . .

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

هذه السورة وردت تسميتها في السنة سورة سبح اسم ربك الأعلى، ففي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال قام معاذ فصلى العشاء الآخرة فطول فشكاه بعض من صلى خلفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي : أفتان أنت يا معاذ أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى والضحى اه .

وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال : ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور مثلها .

وروى الترمذي عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد ويوم الجمعة سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية .

وسمتها عائشة سبح . روى أبو داود والترمذي عنها كان النبي يقرأ في الوتر في الركعة الأولى سبح الحديث . فهذا ظاهر في أنها أرادت التسمية لأنها لم تأتي بالجملة القرآنية كاملة ، وكذلك سماها البيضاوي وابن كثير . لأنها اختصت بالافتتاح بكلمة سبح بصيغة الأمر .

وسماها أكثر المفسرين وكتاب المصاحف سورة الأعلى لوقوع صفة الأعلى فيها دون غيرها .

وهي مكية في قول الجمهور وحديث البراء بن عازب الذي ذكرناه آنفا يدل عليه ، وعن ابن عمر وابن عباس أن قوله تعالى { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } نزل في صلاة العيد وصدقة الفطر ، أي فهما مدنيتان فتكون السورة بعضها مكي وبعضها مدني .

وعن الضحاك أن السورة كلها مدنية .

وما اشتملت عليه من المعاني يشهد لكونها مكية وحسبك بقوله تعالى { سنقرئك فلا تنسى } ...

أغراضها:

اشتملت على تنزيه الله تعالى والإشارة إلى وحدانيته لانفراده بخلق الإنسان وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه .

وعلى تأييد النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته على تلقي الوحي .

وأن الله معطيه شريعة سمحة وكتابا يتذكر به أهل النفوس الزكية الذين يخشون ربهم ، ويعرض عنهم أهل الشقاوة الذين يؤثرون الحياة الدنيا ولا يعبأون بالحياة الأبدية .

وأن ما أوحي إليه يصدقه ما في كتب الرسل من قبله وذلك كله تهوين لما يلقاه من إعراض المشركين .

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

هذه السورة المكية تطوف بالنبي( صلى الله عليه وسلم ) في تطلعاته الروحية التي تريد أن توجهه إلى الله سبحانه ليحدّق بالآفاق العليا التي تطلّ على أسرار عظمته ، وليستلهم من ذلك الإيحاءات الإلهية ، في ما تفتح به قلبه على كلِّ الحقائق في الأسماء الحسنى لله ، وعلى الصفات العليا لكماله وجلاله ، ليسبِّحه في موقع ربوبيته ، وليختزن في داخل وعيه الرسالي أنه الأعلى ، فلا شيء معه ولا شيء فوقه ، وليتصوره في خلقه وتدبيره ورزقه ، وليدفعه إلى ساحة الرسالة ليستوعب آيات الله في قلبه وسمعه ولسانه ، فلا ينساها إلا ما شاء الله من ذلك ، في ما يملك من أمور عباده ، فلا يستقلون بشيء منها ، ولا يبتعدون عن خط المشيئة التي تربطهم به ، لأنه المهيمن على كل شيء ، فهو الذي يعلم ظواهر الأشياء وخفاياها .

ويفتح له الطريقة اليسرى التي توصله إلى هدفه في الدعوة بأقرب الوسائل وأيسرها ، لينطلق بالإبلاغ الذي يهزّ الوجدان الإنسانيّ في عملية تذكيرٍ بالحقائق الإلهية في المبدأ والمعاد وفي حركة المسؤولية فيما بينهما . وستتعمّق الذكرى في وعي الإنسان الذي يخشى ربّه ويتحسّس مسؤولية المعرفة في خط الطاعة ، أمّا الأشقى الذي يعيش أجواء العبث واللاّمبالاة في حياته فإنه يتجنبها ، ليبقى سادراً في غيّه ، ولكنّه سوف ينتهي إلى «النار الكبرى » التي لا يحسّ فيها براحة الموت ولذّة الحياة ، وتلك هي الخسارة الخالدة .

ثم تثير السورة الدعوة الإلهية لتطهير النفس وتزكيتها ، باعتبار أنها سبب الفلاح في الدنيا والآخرة ، حيث تنفتح في الجانب العمليّ على ذكر الله ومراقبته في كل الأمور ، والوقوف بين يديه في الصلاة التي يعرج فيها المؤمن بروحه إلى الله ، ولكنّ مشكلة الناس أنهم يؤثرون الحياة الدنيا ويبتعدون عن الآخرة من دون وعيٍ حقيقيٍّ بأن الدنيا متاعٌ ، وأن الآخرة خيرٌ لهم في نتائجها الطيبة الخالدة ، ما يجعل الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح أخذاً بأسباب الخير ، وهي في الوقت نفسه دار الخلود التي يبقى للإنسان منها كل ما يحصل عليه فيها من النعيم الدائم .

إنها حقائق الكون والرسالة والدعوة وحركة الطاعة في حياة الإنسان التي تطل على مصيره في الآخرة ، وهي رسالة الله التي أودعها في صحف إبراهيم وموسى( عليه السلام ) ، وعرّفها لنبيّه محمد( صلى الله عليه وسلم ) كحقيقةٍ إيمانيةٍ قرآنيةٍ .

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

نزه اسم ربك الأعلى ، يقول : نزهه من الشرك بشهادة أن لا إله إلا الله ، فذلك قوله : { الأعلى }...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "سَبّحِ اسْم رَبّكَ الأعْلىَ" ؛

فقال بعضهم : معناه : عظّم ربك الأعلى ، لا ربّ أعلى منه وأعظم . وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال : سبحان ربي الأعلى ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : نزّه يا محمد اسم ربك الأعلى ، أن تسمي به شيئا سواه ، ينهاه بذلك أن يفعل ما فعل من ذلك المشركون ، من تسميتهم آلهتهم بعضَها اللات ، وبعضَها العزّى .

وقال غيرهم : بل معنى ذلك : نزّهِ الله عما يقول فيه المشركون...

وقال آخرون : نزّه تسميتك يا محمد ربك الأعلى وذكرك إياه ، أن تذكره إلاّ وأنت له خاشع متذلل قالوا : وإنما عُنِي بالاسم : التسمية ، ولكن وُضع الاسم مكان المصدر .

وقال آخرون : معنى قوله : سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَى : صلّ بذكر ربك يا محمد ، يعني بذلك : صلّ وأنت له ذاكر ، ومنه وَجِل خائف .

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب : قول من قال : معناه : نزّه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان ، لما ذكرت من الأخبار ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرأوا ذلك قالوا : سبحان ربيَ الأعلى ، فبَيّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوما : عظم اسم ربك ، ونزّهه .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ سبح اسم ربك الأعلى } قيل فيه من أوجه :

أحدها : أن سبح ربك ، وقيل : سبح اسمه ، وقيل سبح ربك بأسمائه . فمن قال : سبح ربك فمعناه : أن نزهه عن جميع المعاني التي يحتملها غيره من الآفات والحاجات والأضداد والأنداد ، فيكون القول به توحيدا . .... ومن حمل التسبيح على الاسم فقال : نزه اسمه ، فلذلك يرجع إلى الأسماء الذاتية ، وهو ألا يشرك غيره بها فيسميه بها . ... والأسماء الذاتية قوله تعالى : { وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم } [ البقرة : 163 ] وما أشبهه من الأسماء . والأسماء الصفاتية بأن ننزهها عن المعاني التي استوجب الخلق الوصف بها كقولك : عالم ، حكيم ، رحيم ، مجيد ... { الأعلى } أي هو أعلى من أن تمسه حاجة أو تلحقه آفة ، وكذلك هذا في الأكبر ، ويكون الأكبر والأعلى في النهاية من تنزيه المعاني التي ذكرنا . وهي كقولك : وهو أحسن وأجمل . فإذا قلت : أحسن وأجمل أردت به النهاية في الحسن والجمال ، أو يكون { الأعلى } بمعنى العلي والأكبر بمعنى الكبير ، وذلك جائز في اللغة . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والأعلى معناه القادر الذي لا قادر أقدر منه ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

تسبيح الله يحتمل وجهين؛

( الأول ) : أن لا يعامل الكفار معاملة يقدمون بسببها على ذكر الله بما لا ينبغي على ما قال : { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم }.

( الثاني ) : أنه عبارة عن تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به ، في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله ، وفي أسمائه وفي أحكامه ....

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ سبح } أي نزه وبرئ تنزيهاً وتبرئة عظيمتين جداً قويتين شديدتين { اسم ربك } أي المحسن إليك بعد إيجادك على صفة الكمال بتربيتك على أحسن الخلال حتى كنت في غاية الجلال والجمال . ولما كان الإنسان محتاجاً في أن تكون حياته طيبة ليتمكن مما يريد إلى ثلاثة أشياء : كبير ينتمي إليه ليكون له به رفعة ينفعه بها عند مهماته ، ويدفع عنه عند ضروراته ، ومقتدى يربط به نفسه عند ملماته ، وطريقة مثلى ترتكبها كما أشار إليه قوله صلى الله عليه وسلم ... رضيت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وبالإسلام ديناً " أرشده صلى الله عليه وسلم إلى أن الانقطاع إليه أعلى الجاه ، فقال واصفاً لمن أمره بتسبيحه بإثبات ما له من الواجبات بعد نفي المستحيلات كما أشار إليه " سبحانك وبحمدك " : { الأعلى } أي- الذي له وصف الأعلوية في المكانة لا المكان على الإطلاق عن كل شائبة نقص وكل سوء من الإلحاد في شيء من أسمائه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره مع زعم أنهما فيه سواء ، وذكره خالياً عن التعظيم وغير ذلك ليكون راسخاً في التنزيه فيكون من أهل العرفان الذين يضيئون على الناس مع كونهم في الرسوخ كالأوتاد الشامخة التي هي مع علوها لا تتزحزح ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والخطاب هنا لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ابتداء . وهذا الأمر صادر إليه من ربه . بهذه الصيغة : ( سبح اسم ربك الأعلى ) . . وفيه من التلطف والإيناس ما يجل عن التعبير . وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقرأ هذا الأمر ، ثم يعقب عليه بالاستجابة المباشرة ، قبل أن يمضي في آيات السورة ، يقول : " سبحان ربي الأعلى " . . فهو خطاب ورده . وأمر وطاعته . وإيناس ومجاوبته . ..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الافتتاح بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسبح اسمَ ربه بالقول ، يؤذن بأنه سيُلقي إليه عقبه بشارة وخيراً له وذلك قوله : { سنقرئك فلا تنسى } [ الأعلى : 6 ] الآيات كما سيأتي ففيه براعة استهلال . والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم... والتسبيح : التنزيه عن النقائص وهو من الأسماء التي لا تضاف لغير اسم الله تعالى وكذلك الأفعال المشتقة منه لا ترفع ولا تنصب على المفعولية إلا ما هو اسم لله ، وكذلك أسماء المصدر منه نحو : سبحان الله ، وهو من المعاني الدينية ، فالأشبه أنه منقول إلى العربية من العبرانية .....فتسبيح اسم الله النطقُ بتنزيهه في الخُوَيصَّة وبينَ الناس بذكر يليق بجلاله من العقائد والأعمال كالسجود والحمد . ويشمل ذلك استحضارَ الناطق بألفاظ التسبيح معانيَ تلك الألفاظ إذ المقصود من الكلام معناه . وبتظاهُرِ النطق مع استحضار المعنى يتكرر المعنى على ذهن المتكلم ويتجدد ما في نفسه من تعظيم لله تعالى . وأما تفكر العبد في عظمة الله تعالى وترديد تنزيهه في ذهنه فهو تسبيح لذات الله ومسمَّى اسمه ولا يسمى تسبيح اسمِ الله ، لأن ذلك لا يجري على لفظ من أسماء الله تعالى ، فهذا تسبيح ذات الله وليس تسبيحاً لاسمه . وهذا ملاك التفرقة بين تعلق لفظ التسبيح بلفظ اسم الله نحو { سبح اسم ربك } ، وبين تعلقه بدون اسم نحو { ومن الليل فاسجُد له وسبحه } [ الإنسان : 26 ] ونحو { ويسبحونه وله يسجدون } [ الأعراف : 206 ] فإذا قلنا : { اللَّه أحد } [ الإخلاص : 1 ] أو قلنا : { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام } [ الحشر : 23 ] إلى آخر السورة كان ذلك تسبيحاً لاسمه تعالى ، وإذا نفينا الإِلاهية عن الأصنام لأنها لا تخلق كما في قوله تعالى : { إن الذين تدعون من دون اللَّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له } [ الحج : 73 ] كان ذلك تسبيحاً لذات الله لا لاسمه لأن اسمه لم يجر عليه في هذا الكلام إخبار ولا توصيف . فهذا مناط الفرق بين استعمال { سبح اسم ربك } واستعمال { وسبحه } ومَآل الإطلاقين في المعنى واحد لأن كلا الإِطلاقين مراد به الإِرشاد إلى معرفة أن الله منزه عن النقائص . واعلم أن مما يدل على إرادة التسبيح بالقول وجودَ قرينة في الكلام تقتضيه مثلِ التوقيت بالوقت في قوله تعالى : { وسبحوه بكرة وأصيلاً } [ الأحزاب : 42 ] فإن الذي يكلف بتوقيته هو الأقوال والأفعال دون العقائد ، ومثل تعدية الفعل بالباء مثل قوله تعالى : { وسبحوا بحمد ربهم } [ السجدة : 15 ] فإن الحمد قول فلا يصاحب إلا قولاً مثله . وتعريف : { اسم } بطريق الإضافة إلى { ربك } دون تعريفه بالإضافة إلى عَلَم الجلالة نحو : سبح اسمَ الله ، لما يُشعر به وصف رب من أنه الخالق المدبر . وأما إضافة ( رب ) إلى ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم فلتشريفه بهذه الإضافة وأن يكون له حظ زائد على التكليف بالتسبيح . ثم أجري على لفظ { ربك } صفة { الأعلى } وما بعدها من الصلات الدالة على تصرفات قدرته ، فهو مستحق للتنزيه لصفات ذاته ولِصفات إنعامه على الناس بخلقهم في أحسن تقويم ، وهدايتهم ، ورزقهم ، ورزق أنعامهم ، للإِيماء إلى موجب الأمر بتسبيح اسمه بأنه حقيق بالتنزيه استحقاقاً لذاته ولوصفه بصفة أنه خالق المخلوقات خلقاً يدل على العلم والحكمة وإتقان الصنع ، وبأنه أنعم بالهدى والرزق الذين بهما استقامة حال البشر في النفس والجسد وأوثرت الصفات الثلاث الأول لما لها من المناسبة لغرض السورة كما سنبينه . فلفظ { الأعلى } اسم يفيد الزيادة في صفة العلو ، أي الارتفاع . والارتفاع معدود في عرف الناس من الكمال فلا ينْسب العلوّ بدون تقييد إلا إلى شيء غير مذموم في العرف ، ولذلك إذا لم يذكر مع وصف الأعلى مفضل عليه أفاد التفضيل المطلق كما في وصفه تعالى هنا . ولهذا حكَى عن فرعون أنه قال : { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] . والعلوّ المشتقُّ منه وصفه تعالى : { الأعلى } علوّ مجازي ، وهو الكمال التام الدائم . ... ولم يعدَّ وصفه تعالى : { الأعلى } في عداد الأسماء الحسنى استغناء عن اسمه { العليُّ } لأن أسماء الله توقيفية فلا يعد من صفات الله تعالى بمنزلة الاسم إلا ما كثر إطلاقه إطلاقَ الأسماء ، وهو أوغل من الصفات ....

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

... جرى المسلمون من لدن النبي صلى الله عليه وسلم بدون انقطاع على ذكر هذه الصيغة مرات في كل سجدة يسجدونها مما فيه معنى لطيف متصل بالهدف المذكور فيما يتبادر لنا من حيث تضمنه الاعتراف لله بصفة العلوّ عن كل شيء في حالة السجود التي تمثل أروع حالات الخضوع لله عز وجل . ...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

وذكر " الربوبية " هنا يوحي برعاية الله لخلقه ، وإحسانه إليهم ، وإنعامه عليهم ، رغم ما هم عليه من جحود وعناد ، وإضافة " الرب " إلى " كاف المخاطب " الموجه للرسول عليه السلام تدل على ما له صلى الله عليه وسلم من ارتباط وثيق بالله ، وما له من مقام كريم عند الله . ...

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

... الصحيح أن معناها : سبح ربك ذاكراً اسمه ، يعني لا تسبحه بالقلب فقط بل سبحه بالقلب واللسان ، وذلك بذكر اسمه تعالى ، ويدل لهذا المعنى قوله تعالى : { فسبح باسم ربك العظيم } [ الواقعة : 96 ] . ... يعني سبح تسبيحاً مقروناً باسم ، ... وذلك لأن تسبيح الله تعالى قد يكون بالقلب ، بالعقيدة ، وقد يكون باللسان ، وقد يكون بهما جميعاً ، والمقصود أن يسبح بهما جميعاً بقلبه لافظاً بلسانه . وقوله { ربك } الرب معناه الخالق المالك المدبر لجميع الأمور ، فالله تعالى هو الخالق ، وهو المالك ، وهو المدبر لجميع الأمور ، والمشركون يقرون بذلك { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } [ لقمان : 25 ] . ... وأما علو الذات : فهو أن الله تعالى فوق عباده مستو على عرشه ، والإنسان إذا قال : يا الله أين يتجه ؟ يتجه إلى السماء إلى فوق ، فالله جل وعلا فوق كل شيء مستو على عرشه . إذن { الأعلى } إذا قرأتها فاستشعر بنفسك أن الله عال بصفاته ، وعال بذاته ، ولهذا كان الإنسان إذا سجد يقول : سبحان ربي الأعلى ، يتذكر بسفوله هو ، لأنه هو الان نزل ، فأشرف ما في الإنسان وأعلى ما في الإنسان هو وجهه ومع ذلك يجعله في الأرض التي تداس بالأقدام ، فكان من الحكمة أن تقول : سبحان ربي الأعلى ، يعني أنزه ربي الذي هو فوق كل شيء ، لأني نزلت أنا أسفل كل شيء ، فتسبح الله الأعلى بصفاته ، والأعلى بذاته ، وتشعر عندما تقول : سبحان ربي الأعلى ، أن ربك تعالى فوق كل شيء ، وأنه أكمل كل شيء في الصفات ....

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

تبدأ السّورة بخلاصة دعوة الأنبياء( عليهم السلام ) ، حيث التسبيح والتقديس أبداً للّه الواحد الأحد ... ( الأعلى ) : أي الأعلى من كلّ : أحد ، تصوّر ، تخيّل ، قياس ، ظن ، وهم ، ومن أي شرك بشقيه الجلي والخفي . ( ربّك ) : إشارة إلى أنّه غير ذلك الرّب الذي يعتقد به عبدة الأصنام . ...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي تسع عشر آية

{ سبح اسم ربك الأعلى } نزه ذات ربك من السوء وقيل معناه قل سبحان ربي الأعلى

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الجمهور . وقال الضحاك : مدنية . وهي تسع عشرة آية .

يستحب للقارئ إذا قرأ " سبح اسم ربك الأعلى " أن يقول عقبه : سبحان ربي الأعلى . قاله النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقاله جماعة من الصحابة والتابعين ، على ما يأتي . وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : ( إن لله تعالى ملكا يقال له حِزقيائيل ، له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح مسيرة خمسمائة عام ، فخطر له خاطر هل تقدر أن تبصر العرش جميعه ؟ فزاده اللّه أجنحة مثلها ، فكان له ستة وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام . ثم أوحى اللّه إليه : أيها الملك ، أن طر ، فطار مقدار عشرين ألف سنة ، فلم يبلغ رأس قائمة من قوائم العرش . ثم ضاعف اللّه له في الأجنحة والقوة ، وأمره أن يطير ، فطار مقدار ثلاثين ألف سنة أخرى ، فلم يصل أيضا ، فأوحى اللّه إليه أيها الملك ، لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشي . فقال الملك : سبحان ربي الأعلى ، فأنزل اللّه تعالى : " سبح اسم ربك الأعلى " . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : اجعلوها في سجودكم ) . ذكره الثعلبي في ( كتاب العرائس ) له . وقال ابن عباس والسدي : معنى " سبح اسم ربك الأعلى " أي عظم ربك الأعلى . والاسم صلة ، قصد بها تعظيم المسمى ، كما قال لبيد :

إلى الحول ثم اسمُ السلامِ عليكُمَا{[15956]}

وقيل : نزه ربك عن السوء ، وعما يقول فيه الملحدون . وذكر الطبري أن المعنى نزه اسم ربك عن أن تسمي به أحدا سواه . وقيل : نزه تسمية ربك وذكرك إياه ، أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم ، ولذكره محترم . وجعلوا الاسم بمعنى التسمية ، والأولى أن يكون الاسم هو المسمى . روى نافع عن ابن عمر قال : لا تقل على اسم اللّه ، فإن اسم اللّه هو الأعلى . وروى أبو صالح عن ابن عباس : صلّ بأمر ربك الأعلى . قال : وهو أن تقول سبحان ربك الأعلى . وروي عن علي رضي اللّه عنه ، وابن عباس وابن عمرو وابن الزبير وأبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي اللّه عنهم : أنهم كانوا إذا افتتحوا قراءة هذه السورة قالوا : سبحان ربي الأعلى ؛ امتثالا لأمره في ابتدائها . فيختار الاقتداء بهم في قراءتهم ، لا أن سبحان ربي الأعلى من القرآن ، كما قاله بعض أهل الزيغ . وقيل : إنها في قراءة أُبيّ : " سبحان ربي الأعلى " . وكان ابن عمر يقرؤها كذلك . وفي الحديث : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قرأها قال : [ سبحان ربي الأعلى ] .

قال أبو بكر الأنباري : حدثني محمد بن شهريار ، قال : حدثنا حسين بن الأسود ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال : حدثنا عيسى بن عمر ، عن أبيه ، قال : قرأ علي بن أبي طالب عليه السلام في الصلاة " سبح اسم ربك الأعلى " ، ثم قال : سبحان ربي الأعلى ، فلما انقضت الصلاة قيل له : يا أمير المؤمنين ، أتزيد هذا في القرآن ؟ قال : ما هو ؟ قالوا : سبحان ربي الأعلى . قال : لا ، إنما أمرنا بشيء فقلته ، وعن عقبة بن عامر الجهني قال : لما نزلت " سبح اسم ربك الأعلى " قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( اجعلوها في سجودكم ) . وهذا كله يدل على أن الاسم هو المسمى ؛ لأنهم لم يقولوا : سبحان اسم ربك الأعلى . وقيل : إن أول من قال [ سبحان ربي الأعلى ] ميكائيل عليه السلام . وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لجبريل : ( يا جبريل أخبرني بثواب من قال : سبحان ربي الأعلى في صلاته أو في غير صلاته ) . فقال : ( يا محمد ، ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده ، إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ، ويقول اللّه تعالى : صدق عبدي ، أنا فوق كل شيء ، وليس فوقي شيء ، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له ، وأدخلته الجنة فإذا مات زاره ميكائيل كل يوم ، فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه ، فأوقفه بين يدي اللّه تعالى ، فيقول : يا رب شفعني فيه ، فيقول قد شفعتك فيه ، فاذهب به إلى الجنة ) . وقال الحسن : " سبح اسم ربك الأعلى " أي صل لربك الأعلى . وقل : أي صل بأسماء اللّه ، لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية{[15957]} . وقيل : ارفع صوتك بذكر ربك . قال جرير :

قَبحَ الإلهُ وجوهَ تَغْلِبَ كلَّمَا *** سَبَحَ الحجيجُ وكبَّرُوا تكبيرا


[15956]:تمامه: * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر * والبيت من قصيدة له، يخاطب بها ابنتيه، مطلعها: تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما *** وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر
[15957]:المكاء: الصفير. والتصدية التصفيق. قال ابن عباس: "كانت قريش تطوف بالبيت عراة يصفقون ويصفرون" فكان ذلك عبادة في ظنهم".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

سورة سبح{[1]} وتسمى الأعلى

قال الملوي : وكان النبي صلى الله عليه وسلم [ يحبها-{[2]} ] لكثرة ما اشتملت عليه من العلوم والخيرات- مقصودها إيجاب{[3]} التنزيه للأعلى{[4]} سبحانه وتعالى عن أن يلحق ساحة{[5]} عظمته شيء من {[6]}شوائب النقص{[7]} كاستعجال في أمر من إهلاك الكافرين أو غيره أو العجز عن البعث أو إهمال الخلق سدى يبغي بعضهم على بعض بغير حساب ، أو أن يتكلم بما [ لا-{[8]} ] يطابق الواقع أو بما يقدر أحد أن يتكلم بمثله كما أذنت بذلك{[9]} الطارق مجملا وشرحته هذه مفصلا ، وعلى ذلك دل كل من اسميها سبح والأعلى { بسم الله } الذي له العلى كله فلا نقص يلحقه { الرحمن } الذي عم جوده ، فكل{[10]} موجود هو الذي أوجده وكل حيوان هو الذي يربيه ويرزقه { الرحيم* } الذي [ من-{[11]} ] كان من حزبه فإنه يلزمه الطاعة وييسرها له{[12]} ويوفقه{[13]} .

لما تضمن أمره سبحانه في آخر الطارق بالإمهال{[72793]} النهي عن الاستعجال الذي هو منزه عنه لكونه نقصاً-{[72794]} ، وأشار نفي الهزل عن القرآن-{[72795]} إلى أنهم{[72796]} وصموه بذلك وهو في غاية البعد عنه-{[72797]} إلى غير ذلك مما أشير إليه فيها ونزه نفسه الأقدس سبحانه عنه-{[72798]} ، أمر أكمل خلقة رسوله المنزل عليه هذا القرآن صلى الله عليه وسلم بتنزيه اسمه لأنه وحده العالم بذلك حق علمه ، وإذا نزه{[72799]} اسمه عن أن يدعو به وثنا أو غيره أو يضعه في غير ما يليق به ، كان لذاته سبحانه أشد تنزيهاً ، فقال{[72800]} مرغباً في الذكر لا سيما بالتنزيه الذي هو نفي المستحيلات لأن التخلي قبل التحلي ، شارحاً لأصول الدين مقدماً للإلهيات التي هي النهايات{[72801]} من الذات ثم الصفات لا سيما القيومية ثم الأفعال على النبوات ، ثم أتبع ذلك النبوة ليعرف العبد ربه على ما هو عليه من الجلال والجمال ، فيزول عنه داء الجهل الموقع في التقليد ، وداء الكبر الموقع في إنكار الحقوق ، فيعترف{[72802]} بالعبودية والربوبية ، مثنياً عليه سبحانه بالجلال ثم الجمال فيعبده على ما يليق به من امتثال أمره واجتناب نهيه تعظيماً لقدره : { سبح } أي نزه وبرىء تنزيهاً وتبرئة {[72803]}عظيمتين جداً قويتين شديدتين{[72804]} { اسم ربك } أي المحسن إليك بعد إيجادك على صفة الكمال بتربيتك على أحسن الخلال{[72805]} حتى كنت في غاية {[72806]}الجلال والجمال{[72807]} .

ولما كان الإنسان محتاجاً في أن تكون حياته طيبة ليتمكن مما يريد إلى ثلاثة أشياء : كبير ينتمي إليه ليكون له به رفعة ينفعه بها عند مهماته ، ويدفع عنه عند ضروراته ، ومقتدى يربط{[72808]} به{[72809]} نفسه عند ملماته ، وطريقة مثلى ترتكبها{[72810]} كما أشار إليه قوله صلى الله عليه وسلم " رضيت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وبالإسلام ديناً " أرشده صلى الله عليه وسلم إلى أن الانقطاع إليه{[72811]} أعلى الجاه ، فقال واصفاً لمن أمره بتسبيحه بإثبات ما له من الواجبات بعد نفي المستحيلات كما أشار إليه{[72812]} " سبحانك وبحمدك " : { الأعلى * } أي-{[72813]} الذي له وصف الأعلوية في المكانة{[72814]} لا المكان على الإطلاق عن كل شائبة نقص{[72815]} وكل سوء من الإلحاد في شيء من أسمائه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره مع زعم أنهما فيه سواء ، وذكره{[72816]} خالياً عن التعظيم وغير ذلك ليكون راسخاً {[72817]}في التنزيه{[72818]} فيكون من أهل العرفان الذين يضيئون على الناس مع كونهم في الرسوخ كالأوتاد الشامخة التي هي مع علوها لا تتزحزح ، وقد ذكر سبحانه هذا المعنى معبراً {[72819]}عنه بجميع{[72820]} جهاته الأربع-{[72821]} في ابتداء سور أربع استيعاباً لهذه الكلمة الحسنى الشريفة من جميع جهاتها . فابتدأ{[72822]} سورة الإسراء التي هي سورة الإحسان ب " سبحان " المصدر الصالح لجميع معانيه إعلاماً بأن هذا المعنى ثابت له مطلقاً غير مقيد بشيء من زمان أو غيره ، ثم ثنى بالماضي في أول الحديد والحشر والصف تصريحاً بوقوع ما أفهمه المصدر في الماضي الذي يشمل أزل الآزال{[72823]} إلى وقت الإنزال ، ثم ثلث في أول الجمعة والتغابن بالمضارع لأن يفهم مع ما أفهم المصدر والماضي دوام التجدد ، فلما تم ذلك من جميع {[72824]}وجوهه توجه{[72825]} الأمر فخصت به سورته ، وقد مضى في أول الحديد والجمعة ما يتمم هذا .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[9]:- سورة 38 آية 29.
[10]:- في م وظ: اخرجه.
[11]:- ليس في م.
[12]:- ليس في م.
[13]:- في النسخ كلها: لا، وفي البخاري: ما، وقول علي رضي الله عنه نقل من البخاري فأثبتناها.
[72793]:زيدت الواو في الأصل و ظ، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[72794]:زيد من ظ و م.
[72795]:زيد من ظ و م.
[72796]:من ظ و م، وفي الأصل: أنه.
[72797]:زيد من ظ و م.
[72798]:زيد من ظ و م.
[72799]:من ظ و م، وفي الأصل: نزل.
[72800]:زيد من ظ و م.من ظ و م، وفي الأصل: قال.
[72801]:زيد من ظ و م.من ظ و م، وفي الأصل: البهات.
[72802]:من ظ و م، وفي الأصل: معترف.
[72803]:في ظ و م: عظيمة جدا جدا قوية شديدة.
[72804]:في ظ و م: عظيمة جدا جدا قوية شديدة.
[72805]:من ظ و م، وفي الأصل: الحال.
[72806]:من ظ و م، وفي الأصل: الجمال والجلال.
[72807]:من ظ و م، وفي الأصل: الجمال والجلال.
[72808]:من ظ و م، وفي الأصل: يربطه.
[72809]:سقط من م.
[72810]:في ظ: يركبها.
[72811]:سقط من م.
[72812]:من ظ و م، وفي الأصل: سبحانه وتعالى بقوله.
[72813]:زيد من ظ و م.
[72814]:من ظ و م، وفي الأصل: المكان.
[72815]:زيد في الأصل: عن، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72816]:من ظ و م، وفي الأصل: ذكرا.
[72817]:من ظ و م، وفي الأصل: بالتنزيه.
[72818]:من ظ و م، وفي الأصل: بالتنزيه.
[72819]:من ظ و م، وفي الأصل: به عن جميع.
[72820]:من ظ و م، وفي الأصل: به عن جميع.
[72821]:زيد من ظ و م.
[72822]:من ظ و م، وفي الأصل: في ابتداء.
[72823]:من ظ و م، وفي الأصل: الأزل.
[72824]:من م، وفي الأصل: و ظ: أموره.
[72825]:من م، وفي الأصل: و ظ: أموره.