في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ، وهو العزيز الحكيم ) . .

وهؤلاء الآخرون وردت فيهم روايات متعددة . .

قال الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : " كنا جلوسا عند النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فأنزلت عليه سورة الجمعة ( وآخرين لما يلحقوا بهم )قالوا : من هم يا رسول الله ? فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا ، وفينا سلمان الفارسي ، فوضع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يده على سلمان الفارسي ثم قال : " لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء " . فهذا يشير إلى أن هذا النص يشمل أهل فارس . ولهذا قال مجاهد في هذه الآية : هم الأعاجم وكل من صدق النبي [ صلى الله عليه وسلم ] من غير العرب .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا أبو محمد عيسى بن موسى عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي . قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب " ثم قرأ : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) . . يعني بقية من بقي من أمة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] .

وكلا القولين يدخل في مدلول الآية . فهي تدل على آخرين غير العرب . وعلى آخرين غير الجيل الذي نزل فيه القرآن . وتشير إلى أن هذه الأمة موصولة الحلقات ممتدة في شعاب الأرض وفي شعاب الزمان ، تحمل هذه الأمانة الكبرى ، وتقوم على دين الله الأخير .

( وهو العزيز الحكيم ) . . القوي القادر على الاختيار . الحكيم العليم بمواضع الاختيار . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

1

المفردات :

وآخرين منهم لما يلحقوا بهم : وآخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد ، وهم كل من دخل في الإسلام إلى يوم القيامة ، وإذا أسلموا صاروا منهم ( من العرب ) مهما اختلفت أجناسهم ، فالمسلمون كلهم أمة واحدة ، " وكل من تكلم العربية فهو عربي " .

التفسير :

1- { وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

وأرسله الله إلى آخرين من غير العرب ، لمّا يلحقوا بهم في حياته ، وإن لحقوا بهم بعد ذلك ، كالفرس والروم ، وكل من دخل في الإسلام إلى يوم القيامة .

وذلك بفضل الله ، الْعَزِيزُ . الغالب ، الْحَكِيمُ . وهو أعلم حيث يجعل رسالته .

فهذا النبي الأمي أرسله الله إلى العرب ، لينطلق بهذا الدين إلى العالم من حوله .

قال تعالى : { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه . . . }( الشورى : 7 ) .

وقال تعالى : { وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون } . ( الزخرف : 44 ) .

وقد بشّر القرآن هذه الأمة بالنصر والفتح ، وورد ذلك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } . ( الصف : 9 ) .

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت سورة الجمعة ، فلما قرأ : { وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ . . . }قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا ، قال : وفينا سلمان الفارسي ، قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ، ثم قال : " لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " vii

وتعتبر الآية والحديث من المبشرات بالنصر ، ودخول الأعاجم في دين الإسلام ، وقد انتفع تدوين العلوم والفنون بعلماء الفرس وغيرهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

وآخرين لمّا يلحقوا بهم : وغيرهم من الناس سيأتون بعدهم .

وبعثه الله تعالى إلى جماعات آخرين من العرب وغيرِهم من جميع العالم

لم يجيئوا بعد ، سيأتون ويحملون مِشعلَ الهداية وينشرون نور الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها . وهذا يعني أن هذه الأمة المباركة موصولةُ الحلقات ممتدة في جميع أطراف الأرض على مدى الزمان ، تحمل هذه الأمانةَ وتُخرج الناس من الظلمات إلى النور . والتاريخُ شاهد على ذلك ، وهذه الآية من دلائل النبوة ، ومن الأدلّة على أن القرآن من عند الله .

{ وَهُوَ العزيز الحكيم } والله ذو العزة والسلطان .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

وقوله { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } أي : وامتن على آخرين من غيرهم أي : من غير الأميين ، ممن يأتي بعدهم ، ومن أهل الكتاب ، لما يلحقوا بهم ، أي : فيمن باشر{[1094]}  دعوة الرسول ، ويحتمل أنهم لما يلحقوا بهم في الفضل ، ويحتمل أن يكونوا لما يلحقوا بهم في الزمان ، وعلى كل ، فكلا المعنيين صحيح ، فإن الذين بعث الله فيهم رسوله وشاهدوه وباشروا دعوته ، حصل لهم من الخصائص والفضائل ما لا يمكن أحدًا أن يلحقهم فيها ، وهذا من عزته وحكمته ، حيث لم يترك عباده هملاً ولا سدى ، بل ابتعث فيهم الرسل ، وأمرهم ونهاهم .


[1094]:- كذا في ب، وفي أ: باشروا.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

{ وآخرين منهم } أي وفي آخرين منهم { لما يلحقوا بهم } وهم التابعون وجميع من يدخل في الاسلام والنبي صلى الله عليه وسلم مبعوث الى كل من شاهده والى كل من كان بعدهم من العرب والعجم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

قوله تعالى : " وآخرين منهم " هو عطف على " الأميين " أي بعث في الأميين وبعث في آخرين منهم . ويجوز أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء والميم في " يعلمهم ويزكيهم " ، أي يعلمهم ويعلم آخرين من المؤمنين ؛ لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مسندا إلى أوله فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه . " لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم " أي لم يكونوا في زمانهم وسيجيؤون بعدهم . قال ابن عمر وسعيد بن جبير : هم العجم . وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة " الجمعة " فلما قرأ " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا . قال وفينا سلمان الفارسي . قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال : ( لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء ) . في رواية ( لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس - أو قال - من أبناء فارس حتى يتناوله لفظ مسلم . وقال عكرمة : هم التابعون . مجاهد : هم الناس كلهم ، يعني من بعد العرب الذين بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم . وقاله ابن زيد ومقاتل بن حيان . قالا : هم من دخل في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة . وروى سهل بن سعد الساعدي : أن النبي صل الله عليه وسلم قال : ( إن في أصلاب أمتي رجالا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب - ثم تلا - " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " . والقول الأول أثبت . وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيتني أسقي غنما سودا ثم اتبعتها غنما عفرا أولها يا أبا بكر ) فقال : يا رسول الله ، أما السود فالعرب ، وأما العفر فالعجم تتبعك بعد العرب . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كذا أولها الملك ) يعني جبريل عليه السلام . رواه ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

{ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم }

{ وآخرين } عطف على الأميين ، أي الموجودين { منهم } والآتين منهم بعدهم { لما } لم { يلحقوا بهم } في السابقة والفضل { وهو العزيز الحكيم } في ملكه وصنعه وهم التابعون والاقتصار عليهم كاف في بيان فضل الصحابة المبعوث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم على من عداهم ممن بعث إليهم وآمنوا به من جميع الإنس والجن إلى يوم القيامة لأن كل قرن خير ممن يليه .