الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } في { وَآخَرِينَ } وجهان من الأعراب : أحدهما الخفض على الرد الى الأميين ، مجازه : وفي آخرين ، والثاني : النصب على الردّ الى الهاء والميم من قوله { وَيُعَلِّمُهُمُ } أي ويعلم آخرين منهم أي من المؤمنين الذين يدينون بدينه .

{ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } أي لم يدركوهم ولكنهم يكونون بعدهم .

وأختلف العلماء فيهم فقال ابن عمرو سعيد بن جبير : هم العجم ، وهي رواية ليث عن مجاهد يدلّ عليه كما روى ثور بن يزيد عن أبي العتب عن أبي هريرة قال : " لما نزلت هذه الآية { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } كلّمه فيها الناس فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سلمان فقال : لو كان ( الدين )عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن خلف قال : حدّثنا إسحاق بن محمد قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال : حدّثنا علي بن علي قال : حدّثني أبو حمزة الثمالي قال : حدّثني حُصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " رأيتني تبعني غنم سود ثم أتبعتها غنم سود ثم اتبعتها غنم عفر " أوّلها أبا بكر قال : أمّا السود فالعرب ، وأما العفر فالعجم تبايعك بعد العرب ، قال : " كذلك عبّرها الملك سحر " يعني وقت السحر .

وبه عن أبي حمزة قال : حدّثني السدي قال : كان عبد الرحمن بن أبي ليلى إذا قال : رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنه يعني به علياً ، وإذا قال : رجل من أهل بدر فأنما يعني به علياً ، فكان أصحابه لا يسألونه عن أسمه ، وقال : عكرمة ومقاتل : هم التابعون ، وقال ابن زيد وابن حيان : هم جميع من دخل في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم الى يوم القيامة وهي رواية ابن أبي نحيح عن مجاهد .

وروى سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وأن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ( أمتي ) رجالا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {