البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

{ وآخرين } : الظاهر أنه معطوف على { الأمّيين } ، أي وفي آخرين من الأمّيين لم يلحقوا بهم بعد ، وسيلحقون ،

وقيل : { وآخرين } منصوب معطوف على الضمير في { ويعلمهم } ، أسند تعليم الآخرين إليه عليه الصلاة والسلام مجازاً لما تناسق التعليم إلى آخر الزمان وتلا بعضه بعضاً ، فكأنه عليه الصلاة والسلام وجد منه .

وقال أبو هريرة وغيره : وآخرين هم فارس ، وجاء نصاً عنه في صحيح البخاري ومسلم ، ولو فهم منه الحصر في فارس لم يجز أن يفسر به الآية ، ولكن فهم المفسرون منه أنه تمثيل .

فقال مجاهد وابن جبير : الروم والعجم .

وقال مجاهد أيضاً وعكرمة ومقاتل : التابعين من أبناء العرب لقوله : { منهم } ، أي في النسب .

وقال مجاهد أيضاً والضحاك وابن حبان : طوائف من الناس .

وقال ابن عمر : أهل اليمن .

وعن مجاهد أيضاً : أبناء الأعاجم ؛ وعن ابن زيد أيضاً : هم التابعون ؛ وعن الضحاك أيضاً : العجم ؛ وعن أبي روق : الصغار بعد الكبار ، وينبغي أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل ، كما حملوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في فارس : { وهو العزيز الحكيم } في تمكينه رجلاً أمّياً من ذلك الأمر العظيم ، وتأييده واختياره من سائر البشر .