مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (3)

ثم قال تعالى : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله دو الفضل العظيم } .

{ وآخرين } عطف على الأميين . يعني بعث في آخرين منهم ، قال المفسرون : هم الأعاجم يعنون بهم غير العرب أي طائفة كانت ، قاله ابن عباس وجماعة ، وقال مقاتل : يعني التابعين من هذه الأمة الذين لم يلحقوا بأوائلهم ، وفي الجملة معنى جميع الأقوال فيه كل من دخل في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة فالمراد بالأميين العرب . وبالآخرين سواهم من الأمم ، وقوله : { وآخرين } مجرور لأنه عطف على المجرور يعني الأميين ، ويجوز أن ينتصب عطفا على المنصوب في { ويعلمهم } أي ويعلمهم ويعلم آخرين منهم ، أي من الأميين وجعلهم منهم ، لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم ، فالمسلمون كلهم أمة واحدة وإن اختلف أجناسهم ، قال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } وأما من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخل في دينه فإنهم كانوا بمعزل عن المراد بقوله : { وآخرين منهم } وإن كان النبي مبعوثا إليهم بالدعوة فإنه تعالى قال في الآية الأولى : { ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } وغير المؤمنين ليس من جملة من يعلمه الكتاب والحكمة { وهو العزيز } من حيث جعل في كل واحد من البشر أثر الذل له والفقر إليه ، والحكيم حيث جعل في كل مخلوق ما يشهد بوحدانيته .