في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

17

وقد أمر الله موسى - عليه السلام - أن يمر هو وقومه وأن يدع البحر وراءه ساكناً على هيئته التي مر هو وقومه فيها ، لإغراء فرعون وجنده باتباعهم ، ليتم قدر الله بهم كما أراده : ( إنهم جند مغرقون ) . . فهكذا ينفذ قدر الله من خلال الأسباب الظاهرة . والأسباب ذاتها طرف من هذا القدر المحتوم .

ويختصر السياق حكاية مشهد الغرق أو عرضه ، اكتفاء بالكلمة النافذة التي لا بد أن تكون : ( إنهم جند مغرقون ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

المفردات :

رهوا : مفتوحا ذا فجوة واسعة ، أو ساكنا على هيئته .

17

المفردات :

فأسر : سر بهم ليلا ، والإسراء : السير بالليل ، وأما السرى فهو السير بالنهار .

التفسير :

23 ، 24- { فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون } .

تلك معجزة إلهية كبرى ، فقد اشتكى موسى إلى ربه من إجرام فرعون وقومه ، فأمره الله أن يسير بمن آمن من بني إسرائيل ليلا ، فالليل ستر وظلام للهارب ، وفيه يسر للمسافر ، حيث يحفظه من شدة الحر ، وييسر على الدواب الحركة ، بعيدا عن وهج الشمس ومشقة الهجير .

{ إنكم متبعون } .

إن فرعون وقومه سيتبعونكم رغبة في الانتقام منكم ، وقد سار موسى وقومه ليلا ، وأحس فرعون بهربه ، فجمع جيشه وخرج وراءه ليدركهم ويعاقبهم ، عندئذ قال أصحاب موسى : { إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين } . ( الشعراء : 61 ، 62 ) .

فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه ، فضرب موسى البحر فانفلق ، فصار كل فرق كالطود العظيم ، أي صارت كل ناحية من الماء كالجبل العظيم المرتفع ، وأمره الله أن يسير في طريق يابس مريح آمن ، ولما انتقل موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر ، أمره الله أن يترك البحر على حالته ، لأن فرعون وجنوده سيسيرون خلفكم ، فنغرقهم عقابا لهم .

{ رهوا } : ساكنا منفرجا على هيئته بعد أن تجاوزه موسى ومن معه .

{ إنهم جند مغرقون } .

أي : إن فرعون وقومه سيغرقون فيه .

كما قال تعالى : { ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى } . ( طه : 77 ) .

قال ابن كثير وابن جزي وغيرهما :

{ واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون } .

وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما جاوز هو وبنو إسرائيل البحر ، أراد موسى أن يضربه بعصاه حتى يعود كما كان ، ليصير حائلا بينهم وبين فرعون فلا يصل إليهم ، فأمره الله تعالى أن يتركه على حاله ساكنا ، وبشره بأنهم جند مغرقون فيه ، وأنه لا يخاف دركا ولا يخشى .

قال ابن عباس :

{ واترك البحر رهوا . . . } كهيئته وامض .

وقال مجاهد :

{ رهوا } . طريقا يابسا كهيئته ، يقول : لا تأمره يرجع ، اتركه حتى يدخل فيه آخرهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

{ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا } أي : بحاله وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كما أمره الله ثم تبعهم فرعون فأمر الله موسى أن يضرب البحر فضربه فصار اثنى عشر طريقا وصار الماء من بين تلك الطرق كالجبال العظيمة فسلكه موسى وقومه .

فلما خرجوا منه أمره الله أن يتركه رهوا أي : بحاله ليسلكه فرعون وجنوده { إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ }

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

قوله تعالى : { واترك البحر } إذا قطعته أنت وأصحابك ، { رهواً } ساكناً على حالته وهيئته ، بعد أن ضربته ودخلته ، معناه : لا تأمره أن يرجع ، اتركه حتى يدخله آل فرعون ، وأصل ( الرهو ) : السكون . وقال مقاتل : معناه : اترك البحر راهياً أي : ساكناً ، فسمي بالمصدر ، أي ذا رهو . وقال كعب : اتركه طريقاً . قال قتادة : طريقاً يابساً . قال قتادة : لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده ، فقيل له : اترك البحر رهواً كما هو ، { إنهم جند مغرقون } أخبر موسى أنه يغرقهم ليطمئن قلبه في تركه البحر كما جاوزه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون} وذلك أن بني إسرائيل لما قطعوا البحر، قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم: فرق لنا البحر كما كان، فإننا نخشى أن يقطع فرعون وقومه آثارنا؛ فأراد موسى عليه السلام أن يفعل ذلك، كان الله تعالى أوحى إلى البحر أن يطيع موسى عليه السلام، فقال الله لموسى: {واترك البحر رهوا}، يعني صفوفا، ويقال: ساكنا.

{إنهم} إن فرعون وقومه {جند مغرقون} فأغرقهم الله في نهر مصر...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوا" يقول: وإذا قطعت البحر أنت وأصحابُك، فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته. وقيل: إن الله تعالى ذكره قال لموسى هذا القول بعد ما قطع البحر ببني إسرائيل، فإذ كان ذلك كذلك، ففي الكلام محذوف، وهو: فسرَى موسى بعبادي ليلاً، وقطع بهم البحر، فقلنا له بعد ما قطعه، وأراد ردّ البحر إلى هيئته التي كان عليها قبل انفلاقه: اتركّه رَهْوا...

واختلف أهل التأويل في معنى الرهْو؛

فقال بعضهم: معناه: اتركه على هيئته وحاله التي كان عليها... عن ابن عباس، قوله: "وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوا "يقول: سَمْتا...

وقال آخرون: بل معناه: اتركه سَهْلاً... عن الضحاك بن مُزاحم، في قول الله عزّ وجلّ: "وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوا" قال: دَمثا...

وقال آخرون: بل معناه: واتركه يبسا جددا...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معناه: اتركه على هيئته كما هو على الحال التي كان عليها حين سَلكْته، وذلك أن الرهو في كلام العرب: السكون... وإذا كان ذلك معناه كان لا شكّ أنه متروك سهلاً دَمِثا، وطريقا يَبَسا لأن بني إسرائيل قطعوه حين قطعوه، وهو كذلك، فإذا ترك البحر رهوا كما كان حين قطعه موسى ساكنا لم يُهج كان لا شكّ أنه بالصفة التي وصفت.

وقوله: "إنّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ" يقول: إن فرعون وقومه جند، الله مغرقهم في البحر.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْواً} فيه سبعة تأويلات:...

الخامس: منفرجاً، قاله مجاهد.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الرهو فيه وجهان؛

أحدهما: أنه الساكن... أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكناً على هيئته، قارّاً على حاله: من انتصاب الماء، وكون الطريق يبساً لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئاً ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم.

والثاني: أن الرهو: الفجوة الواسعة... أي: اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً. {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} وقرئ بالفتح، بمعنى: لأنهم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

إنما أخبره الله تعالى بذلك حتى يبقى فارغ القلب عن شرهم وإيذائهم.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

الرهو والرهوة: المكان المرتفع، والمنخفض أيضا يجتمع فيه الماء، وهو من الأضداد، وقال أبو عبيد: الرهو: الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر وغيره...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أمره بالإسراء وعلله، أمره بما يفعل فيه وعلله فقال: {واترك البحر} أي إذا أسريت بهم وتبعك العدو ووصلت إليه وأمرناك بضربه لينفتح لتدخلوا فيه فدخلتم ونجوتم {رهواً} بعد خروجكم منه بأجمعكم أي منفرجاً واسعاً ساكناً بحيث يكون المرتفع من مائه مرتفعاً والمنخفض منخفضاً كالجدار، وطريقه الذي سرتم به يابساً ذا سير سهل على الحالة التي دخلتم فيها ليدخل فيه عدوكم فنمجد بإغراقهم كما وعدناكم... ولما كانت هذه أسباباً لدخول آل فرعون فيه، علل بما يكون عنها تسكيناً لقلوبهم في ترك البحر طريقاً مفتوحاً يدخله العدو، فقال مؤكداً لأجل استبعاد بني إسرائيل مضمون الخبر لأنه من خوارق العادات مع ما لفرعون وآله في قلوبهم من الهيبة الموجبة لأن يستبعدوا معها عمومهم بالإهلاك {إنهم جند مغرقون} أي متمكنون في هذا الوصف وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي محطه النجدة الموجبة للعلو في الأمور.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على جملة {فأسرِ بعبادي ليلاً} [الدخان: 23]

فيجوز أن تكون الجملتان صَدَرَتا متصلتين بأنْ أعلَم الله موسى حين أمره بالإسراء بأنه يضرب البحر بعصاه فينفلق عن قعره اليابس حتى يمر منه بنو إسرائيل كما ورد في آيات أخرى مثل آية سورة الشعراء. ولما أمره بذلك طمَّنه بأن لا يخشَى بقاءه منفلقاً فيتوقع أن يلحق به فرعون بل يجتاز البحرَ ويتركه فإنه سَيَطغْى على فرعون وجنده فيغرقون، ففي الكلام إيجاز تقديره: فإذا سريتَ بعبادي فسنفتح لكم البحر فتسلكونه فإذا سلكتَه فلا تخشَ أن يلحقكم فرعون وجندُه واتركه فإنهم مغرقون فيه.

ويجوز أن تكون الجملة الثانية صدرت وقت دخول موسى ومن معه في طرائق البحر فيقدّر قول محذوف، أي وقُلنا له: اترك البحر رَهْواً، أي سيدخله فرعون وجنده ولا يخرجون منه لأن في بَقائِهِ مفروقاً حكمةً أخرى وهي دخول فرعون وجنده في طرائقه طمَعاً منهم أن يلحقوا موسى وقومَه، حتى إذا توسطوه انضمّ عليهم، فتحصل فائِدة إنْجَاء بني إسرائيل وفائدةُ إهلاك عدوّهم، فتكون الواو عاطفة قولاً محذوفاً على القول المحذوف قبله.

وعلى الوجهين فالترك مستعمل مجازاً في عدم المبالاة بالشيء كما يقال: دَعْه يفعل كذا وذَرْه، كقوله تعالى: {ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} [الأنعام: 91]...

والرهْوُ: الفجوة الواسعة. وأصله مصدر رها، إذا فتح بين رجليه، فسميت الفجوة رهواً تسمية بالمصدر، وانتصب {رَهْواً} على الحال من البحر على التشبيه البليغ، أي مثل رَهْو.

وجملة {إنهم جند مغرقون} استئناف بياني جواباً عن سؤال ناشئ عن الأمر بترك البحر مفتوحاً، وضمير {إنهم} عائد إلى اسم الإشارة في قوله: {أن هؤلاء قوم مجرمون} [الدخان: 22] والجند: القوم والأمة وعسكر المَلك.

وإقحام لفظ {جند} دون الاقتصار على {مغرقون} لإفادة أن إغراقهم قد لزمهم حتى صار كأنه من مقومات جنديتهم كما قدمناه عند قوله تعالى: {لآياتٍ لقومٍ يعقلون} في سورة البقرة (164).

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

عندما وصل فرعون وجنوده إلى شاطئ النيل كان بنو إسرائيل قد خرجوا من الجانب الآخر، وكان ظهور مثل ذلك الطريق اليابس وسط النيل كافياً وحده لأن يلفت نظر حتى الطفل الساذج إلى تحقق إعجاز إلهي عظيم في البحر، إلاّ أنّ كبر أُولئك الحمقى وغرورهم لم يسمح لهم بإدراك هذه الحقيقة الواضحة فيقفوا على اشتباهاتهم وأخطائهم، ويتوجهوا إلى الله سبحانه! ربّما كانوا يظنون أنّ هذا التغير الذي طرأ على النيل قد تمّ بأمر فرعون أيضاً! وربّما قال هذا الكلام لجنوده، ثمّ ورد بنفسه ذلك الطريق فتبعه جنوده حتى الجندي الأخير! لكن، أمواج النيل تلاطمت فجأةً وانهالت عليهم كبناء شاهق انهدمت قواعده فانهار إلى الأرض، فغرقوا جميعاً.

والنكتة التي تلفت النظر في هذه الآيات، هي اختصارها الفائق، وكونها بليغة ومعبرة في الوقت نفسه، فقد ذكرت قصة مفصلة في ثلاث آيات أو جمل بحذف الجمل الإضافية التي تفهم من القرائن أو الجمل الأُخرى.

إنّ التعبير ب«مغرقون» مع أنّهم لم يكونوا قد غرقوا بعدُ إشارة إلى أنّ هذا الأمر الإلهي حتمي وقطعي.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

{ واترك البحر رهوا } خلفه وراءك ساكنا غير مضطرب وذلك أن الماء وقف له كالطود العظيم حين جاوز البحر { إنهم جند مغرقون } نغرقهم في ذلك البحر الذي تجاوزوه رهوا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

قال ابن عباس : " رهوا " أي طريقا . وقال كعب والحسن . وعن ابن عباس أيضا سمتا . الضحاك والربيع : سهلا . عكرمة : يبسا ، لقوله : " فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا " وقيل : مفترقا . مجاهد : منفرجا . وعنه يابسا . وعنه ساكنا ، وهو المعروف في اللغة . وقاله قتادة والهروي . وقال غيرهما : منفرجا . وقال ابن عرفة : وهما يرجعان إلى معنى واحد وإن اختلف لفظاهما ، لأنه إذا سكن جريه انفرج . وكذلك كان البحر يسكن جريه وانفرج لموسى عليه السلام . والرهو عند العرب : الساكن ، يقال : جاءت الخيل رهوا ، أي ساكنة . قال :

والخيلُ تَمْزَعُ رَهْوًا في أعنَّتها *** كالطير تنجو من الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ{[13724]}

الجوهري : ويقال أفعل ذلك رهوا ، أي ساكنا على هينتك{[13725]} . وعيش راه ، أي ساكن رافه . وخمس راه ، إذا كان سهلا . ورها البحر أي سكن . وقال أبو عبيد : رها بين رجليه يرهو رهوا أي فتح ، ومنه قوله تعالى : " واترك البحر رهوا " : السير السهل ، يقال : جاءت الخيل رهوا . قال ابن الأعرابي : رها يرهو في السير أي رفق . قال القطامي في نعت الركاب :

يمشينَ رهوًا فلا الأعجازُ خاذلةٌ *** ولا الصدور على الأعجاز تَتَّكِلُ

والرهو والرهوة : المكان المرتفع ، والمنخفض أيضا يجتمع فيه الماء ، وهو من الأضداد . وقال أبو عبيد : الرهو : الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر وغيره . وفي الحديث أنه قضى أن ( لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ولا ركح ولا رهو{[13726]} ) . والجمع رهاء . والرهو : المرأة الواسعة الهَن . حكاه النضير بن شميل . والرَّهْو : ضرب من الطير ، ويقال : هو الكركي . قال الهروي : ويجوز أن يكون " رهوا " من نعت موسى - وقال القشيري - أي سر ساكنا على هينتك ، فالرهو من نعت موسى وقومه لا من نعت البحر ، وعلى الأول هو من نعت البحر ، أي اتركه ساكنا كما هو قد انفرق فلا تأمره بالانضمام . حتى يدخل فرعون وقومه . قال قتادة : أراد موسى أن يضرب البحر لما قطعه بعصاه حتى يلتئم ، وخاف أن يتبعه فرعون فقيل له هذا . وقيل : ليس الرهو من السكون بل هو الفرجة بين الشيئين ، يقال : رها ما بين الرجلين أي فرج . فقوله : " رهوا " أي منفرجا . وقال الليث : الرهو ومشي في سكون ، يقال : رها يرهو رهوا فهو راه . وعيش راه : وادع خافض . وافعل ذلك سهوا رهوا ، أي ساكنا بغير شدة . وقد ذكرناه آنفا . " إنهم " أي إن فرعون وقومه . " جند مغرقون " أخبر موسى بذلك ليسكن قلبه .


[13724]:البيت للنابغة الذبياني. و" تمزع": تمر مرّا سريعا. وقد وردت هذه الكلمة في الأصل محرفة، ففي بعضها "تمرح" بالراء والحاء. وفي البعض الآخر:" تمرع" بالراء والعين. ويروى: غربا" بدل "رحوا" أي حذة. و "الشؤبوب: السحاب العظيم القطر.
[13725]:الهينة (بالكسر): السكينة والوقار.
[13726]:الفناء: فناء الدار، وهو ما امتد معها من جوانبها. والمنقبة: هي الطريق بين الدارين. وقيل: هو الطريق الذي يعلو أنشاز الأرض. والركح (بالضم): ناحية البيت من ورائه، وربما كان فضاء لا بناء فيه.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

{ واترك البحر رهوا } أي : ساكنا على هيئته وقيل : يابسا وروي : أن موسى لما جاوز البحر أراد أن يضربه بعصاه فينطبق كما ضربه فانفلق ، فقال الله له : اتركه كما هو ليدخله فرعون وقومه فيغرقوا فيه ، وقيل : معنى رهوا سهلا ، وقيل : منفرجا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

ولما أمره بالإسراء وعلله ، أمره بما يفعل فيه وعلله فقال : { واترك البحر } أي إذا أسريت{[57479]} بهم وتبعك العدو ووصلت إليه وأمرناك بضربه لينفتح لتدخلوا [ فيه-{[57480]} ] فدخلتم ونجوتم{[57481]} { رهواً } بعد خروجكم منه بأجمعكم أي منفرجاً واسعاً ساكناً بحيث يكون المرتفع من مائه مرتفعاً والمنخفض منخفضاً كالجدار ، وطريقه الذي سرتم{[57482]} به يابساً{[57483]} ذا سير سهل على الحالة التي دخلتم فيها ليدخل فيه عدوكم فنمجد بإغراقهم كما وعدناكم ، وقال البغوي{[57484]} : راهياً أي {[57485]}ذا رهو{[57486]} فسمي بالمصدر - وعزاه إلى مقاتل - انتهى . ولما كانت هذه أسباباً لدخول آل فرعون فيه ، علل بما يكون عنها تسكيناً لقلوبهم في ترك البحر طريقاً مفتوحاً يدخله العدو ، فقال مؤكداً لأجل استبعاد بني إسرائيل مضمون الخبر لأنه{[57487]} من خوارق العادات مع ما لفرعون وآله في قلوبهم من الهيبة الموجبة لأن يستبعدوا معها عمومهم بالإهلاك { إنهم جند مغرقون * } أي متمكنون في [ هذا-{[57488]} ] الوصف وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي محطه النجدة الموجبة للعلو في الأمور .


[57479]:من مد، وفي الأصل و ظ: سريت.
[57480]:زيد من مد.
[57481]:من مد، وفي الأصل و ظ: نجيتم
[57482]:من مد، وفي الأصل و ظ: نجيتم.
[57483]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالليل-كذا.
[57484]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب6/122.
[57485]:من مد، وفي الأصل و ظ: إذا راهوا.
[57486]:من مد، وفي الأصل و ظ: إذا راهوا.
[57487]:في مد لأن.
[57488]:زيد من مد.