الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

ثم قال : { واترك البحر رهوا } أي : إذا قطعت البحر ( أنت وأصحابك ){[62110]} فاتركه ساكنا على حاله حين دخلته . هذا لفظ الأمر ومعناه الخبر .

لم يكن في ( وسع موسى ){[62111]} ترك ذلك ، ولم يكن الله عز وجل ليأمره بما لا يقدر عليه ، فهو وعد من الله عز وجل لموسى أن يفعله له ، وكأنه قال{[62112]} : ويبقى البحر على حاله ساكنا حتى يدخله فرعون{[62113]} وجنوده فيغرقون .

قال ابن عباس ، معناه : واتركه طريقا{[62114]} . وقال الضحاك : سهلا{[62115]} .

وقال مجاهد معناه : واتركه ساكنا لا يرجع إلى ما كان عليه حتى يحصل فيه آخرهم ، وهو معنى قول ابن عباس{[62116]} : اتركه طريقا ، وروي عن مجاهد أيضا ( رهوا ) : يابسا{[62117]} ، وحكى المبرد : عيش ( راه ، أي ){[62118]} : خفض{[62119]} وادع .

قال : فمعنى رهوا : ساكنا ، حتى يحصلوا فيه وهو ساكن{[62120]} فلا ( ينفروا منه ){[62121]} .

وقيل الرهو : المتفرق{[62122]} ويقال : جاء القوم رهوا ، أي : على نظام{[62123]} واحد .

وروي أن الله جل ذكره قال هذا لموسى بعد أن قطع البحر بنو{[62124]} إسرائيل .

فعلى / هذا القول يكون في الكلام حذف . والتقدير : فسرى موسى بعبادي{[62125]} ليلا وقطع بهم البحر فقلنا له بعدما قطعه وأراد رد البحر إلى هيئته التي كان عليها قبل انفلاقه : اتركه رهوا ، أي : ساكنا على حاله لا ترده{[62126]} إلى ( هيئته الأولى ){[62127]} حتى يدخلوا كلهم فيه ويطمئنوا{[62128]} . هذا القول هو قول قتادة .

قال قتادة : لما خرج آخر بني إسرائيل أراد نبي الله موسى عليه السلام أن يضرب بالبحر بعصاه حتى يعود{[62129]} كما كان مخافة أن يتبعه فرعون وجنوده ، فقيل له : اتركه ساكنا على حاله إنهم جند مغرقون ، فغرقهم الله عز وجل في البحر{[62130]} .


[62110]:ساقط من (ح).
[62111]:(ح): وصف موسى صلى الله عليه وسلم.
[62112]:ساقط من (ح).
[62113]:(على حاله حين دخلته. حتى يدخله فرعون) في طرة (ت).
[62114]:انظر جامع البيان 25/73، وجامع القرطبي 16/137.
[62115]:انظر جامع البيان 25/73. وفي المحرر الوجيز أنه قول ابن زيد، وأن قول الضحاك هو: دمتا لينا. 14/291.
[62116]:وقاله الفراء أيضا في معانيه 3/471. وذكر ابن عطية معنى هذا القول في المحرر الوجيز عن ابن عباس فقط 14/291.
[62117]:نظر تفسير مجاهد 2/589، وجامع البيان 25/73. وقد نسب هذا القول في المحرر الوجيز إلى مجاهد وعكرمة 14/290، وفي جامع القرطبي إلى عكرمة فقط 16/137، وفي تفسير ابن كثير إلى مجاهد وعكرمة والربيع بن أنس والضحاك وقتادة وابن زيد وكعب وسماك 4/142.
[62118]:(ح): (أي رااه).
[62119]:(ت): خافض و(ح) موافق لإعراب النحاس 4/129.
[62120]:(ت): (ساكنا).
[62121]:(ت): (تتفرق أمته). وجاء في إعراب النحاس عن المبرد بلفظه إلا بعض الاختلاف 4/129. لكن الذي في الكامل: (ويقال: عيش راه يا فتى، أي: ساكن) 1/486.
[62122]:انظر إعراب النحاس 4/129.
[62123]:(ت): (غير نظام).
[62124]:(ت) و(ح): بني وما في المتن يقتضيه السياق لأنه فاعل.
[62125]:(ح): (بعباده).
[62126]:(ح): (لا يرده).
[62127]:(ح): (حاله الأول).
[62128]:(ت): (ويطعئنوا).
[62129]:(ح): (يجد).
[62130]:انظر جامع البيان 25/73، وجامع القرطبي 16/138.