السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

ولما أمر بالإسراء أمر بما يفعل فيه فقال تعالى : { واترك البحر } أي : إذا سريت بهم وتبعك العدو ووصلت بعد إليه وأمرناك بضربه لينفتح لتدخلوا فيه فدخلتم ونجيتم { رهواً } بعد خروجكم منه بأجمعكم وفي الرهو وجهان أحدهما : أنه الساكن أي : اتركه ساكناً قال الأعشى :

يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلة *** ولا الصدور على الأعجاز تتكل

أي : مشياً ساكناً على هينه قاراً على حاله بحيث يبقى المرتفع من مائه مرتفعاً ، والمنخفض منخفضاً كالجدار ، وطريقه الذي سرتم به يابساً ذا سير سهل على الحالة التي دخلتم فيها لأن موسى لما جاوز البحر أراد أن يضربه بعصاه فينطبق كما ضربه فانفلق ، فأمر أن يتركه ساكناً على هيئته قاراً على حاله ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم ، والثاني : أن الرهو الفجوة الواسعة وعن بعض العرب أنه رأى جملاً فالجاً فقال : سبحان الله رهو بين سنامين أي : اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً { إنهم جند مغرقون } أي : متمكنون في هذا الوصف وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي محطه النجدة الموجبة للعلو في الأمور .