النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

قوله عز وجل : { وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْواً } فيه سبعة تأويلات :

أحدها : سمتاً ، قاله ابن عباس .

الثاني : يابساً ، قاله ابن أبي نجيح .

الثالث : سهلاً ، قاله الربيع .

الرابع : طريقاً ، قاله كعب والحسن .

الخامس : منفرجاً ، قاله مجاهد .

السادس : غرقاً ، قاله عكرمة .

السابع : ساكناً ، قاله الكلبي والأخفش وقطرب . قال القطامي [ في نعت الركاب ] :

يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلةٌ *** ولا الصدور على الأعجاز تتكل{[2561]}

قال قتادة : لما نجا بنو إسرائيل من البحر وأراد آل فرعون أن يدخلوه خشي نبي الله موسى عليه السلام أن يدركوه فأراد أن يضرب البحر حتى يعود كما كان فقال الله تعالى : { وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْواً } أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه .

{ إِنَّهُمْ جُندٌ مغْرَقُونَ } قال مقاتل : هو النيل ، وكان عرضه يومئذٍ فرسخين ، قال الضحاك : كان غرقهم بالقلزم وهو بلد بين مصر والحجاز .

فإن قيل فليست هذه الأحوال في البحر من فعل موسى ولا إليه .

قيل يشبه أن يكون الله تعالى قد أعلمه أنه إنْ ضرب البحر بعصاه ثانية تغيرت أحواله ، فأمره أن يكف عن ضربه حتى ينفذ الله قضاءه في فرعون وقومه .

وتأويل سهل بن عبد الله { وَاتْرُكِ البَحْرَ } أي اجعل القلب ساكناً في تدبيري { إِنَّهُمْ جُنْدٌ مغْرَقُونَ } أي إن المخالفين قد غرقوا في التدبير .


[2561]:في ك ولا صدور. ومشين رهوا أي مشيا ساكنا هادئا ورها يرهو مثل عدا يعدو.