فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

{ واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون( 24 ) } .

أوجز القرآن الكريم في هذه السورة المباركة ما كان من نبأ موسى وأصحابه إذ لاحقهم فرعون وجنده ، وأمر الله لنبيه أن يضرب بعصاه البحر ، فإذا بالماء ينحسر عن طريق يبس يجتازه موسى والذين آمنوا معه ، وجاء الأمر هنا لموسى أن يترك البحر منفرجا مفتوحا ، فقد قضى الله أن يغرق فرعون وهامان وجنودهما .

بينما فصّلت قصة الإنجاء والإغراق في سورتي طه والشعراء ، وذلك قوله تبارك اسمه { . . فاضرب لهم في البحر طريقا يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى . فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم . . }{[4445]} وقوله- سبحانه وتعالى- : { فأتبعوهم مشرقين . فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون . قال كلا إن معي ربي سيهدين . فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم . وأزلفنا ثمّ الآخرين . وأنجينا موسى ومن معه أجمعين . ثم أغرقنا الآخرين }{[4446]} .

قال قتادة : أراد موسى عليه السلام بعد أن جاوز البحر هو ومن معه أن يضربه بعصاه حتى يلتئم كما ضربه أولا فانفلق لئلا يتبعه فرعون وجنوده ، فأُمر بأن يتركه { رهوا } أي مفتوحا منفرجا ولا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئا ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم .


[4445]:سورة طه من الآية 77، والآية 78.
[4446]:سورة الشعراء. الآيات: من 60إلى 66.