فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

{ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا } أي ساكنا ، رها يرهو رهوا إذا سكن لا يتحرك قال الجوهري : يقال افعل ذلك رهوا أي ساكنا على هيئتك وعيش راه أي ساكن ، ورها البحر سكن ، وقال الهروي وغيره : وهو المعروف في اللغة ، والمعنى اترك البحر ساكنا على صفته بعد أن ضربته بعصاك ، ولا تأمره أن يرجع كما كان ليدخله آل فرعون بعدك وبعد بني إسرائيل ، فينطبق عليهم فيغرقون .

وقال أبو عبيدة : رها بين رجليه يرهو رهوا أي فتح ، قال : ومنه قوله { واترك البحر رهوا } والمعنى اتركه منفرجا ، كما كان بعد دخولكم فيه ، وكذا قال أبو عبيدة ، وبه قال مجاهد وغيره قال ابن عرفة وهما يرجعان إلى معنى واحد ، وإن اختلف لفظاهما لأن البحر إذا سكن جريه انفرج قال الهروي ويجوز أن يكون رهوا نعتا لموسى ، أي سر ساكنا على هيئتك ، وقال كعب والحسن : رهوا طريقا ، وقال الضحاك والربيع : سهلا ، وقال عكرمة يبسا كقوله { فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا } وعلى كل تقدير فالمعنى اتركه ذا رهو أو اتركه رهوا على المبالغة في الوصف بالمصدر وقال ابن عباس : رهوا سمتا وعنه قال كهيئة وأمض وعنه أيضا قال الرهو أن يترك كما كان .

{ إِنَّهُمْ } أي إن فرعون وجنده بعد خروجكم { جُنْدٌ مُغْرَقُونَ } أي متمكنون في هذا الوصف ، وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي شأنه النجدة الموجبة للعلو في الأمور أخبر سبحانه موسى بذلك ليسكن قلبه ويطمئن جأشه ، قرأ الجمهور بكسر إن على الاستئناف لقصد الإخبار بذلك وقرئ بالفتح على تقدير لأنهم .