اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱتۡرُكِ ٱلۡبَحۡرَ رَهۡوًاۖ إِنَّهُمۡ جُندٞ مُّغۡرَقُونَ} (24)

قوله : { واترك البحر رَهْواً } يجوز أن يكون «رهواً » مفعولاً ثانياً ، على أن ترك بمعنى صَيَّر{[50327]} وأن يكون حالاً على أنها ليست بمعناها{[50328]} . والرهو : قيل : السكون{[50329]} ، فالمعنى اتْرُكْهُ سَاكناً ، يقال رَهَا ، يَرْهُو ، رَهْواً ، ومنه : جَاءَت الخَيْلُ رَهْواً . قال النابغة :

4424 وَالخَيْلُ تَمْرَحُ رَهْواً فِي أَعِنَّتِهَا *** كَالطَّيْرِ يَنْجُو مِنَ الشُؤْبُوبِ ذي البَرَدِ{[50330]}

وَرَهَا يَرْهُو في سَيْرهِ أي رَفَقَ ، قال القطامِيُّ :

4425 يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَةٌ *** وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ{[50331]}

وعن أبي عبيدة : رهواً أي اتركه منفتحاً فُرَجاً على ما تركته{[50332]} .

روي أنه لما انفلق البحر لموسى ، وطلع منه خاف أن يتبعه فرعون فأراد أن يضربه ليعود حتى لا يلحقوه ، فأمر أن يتركه فرجاً . وأصله من قولهم : رَهَا الرَّجُلُ يَرْهُو رَهْواً فتح ما بين رجليه ( قال مقاتل{[50333]} : اترك البحر رهواً أي راهياً يعني ساكناً . فأصل الرهو السكون ، فسمي بالمصدر أي ذا رهو . وقال كعب : اترك طريقاً يابساً ) . والرَّهْوُ والرَّهوَةُ المكان المرتفع أو المنخفض يجتمع فيه الماء فهو من الأضداد . والرهوة المرأة الواسعة الهن . والرهو طائر يقال له الكُرْكِيَّ{[50334]} .


[50327]:التبيان 1146.
[50328]:السابق والبيان 2/359 وانظر فيهما معا الدر 4/814.
[50329]:وقد أثر عن قتادة ومجاهد في رواية عنه انظر الغريب 402، والمجاز 2/208.
[50330]:من البسيط له كما في الديوان وروايته: والخيل تمزع غربا في أعنتها أي تسرع في حدة ونشاط، ورواية تمرح كما في البحر المحيط وعلى رواية الديوان لا شاهد؛ حيث أن شاهد البيت رهوا على أن الرهو هو السكون والشؤبوب شدة المطر. والمعنى على هذا لا يستقيم إن كانت رهو معناها السير الهادئ. وانظر البيت في الديوان 23 والقرطبي 16/137 والبحر المحيط 8/31 والمفضليات 299 وفتح القدير 4/574 والدر المصون 4/814.
[50331]:من البسيط أيضا له كما في البحر والقرطبي والدر المصون وهو غير منسوب في اللسان رها 1759، ونسب في الكشاف إلى الأعشى وهو المخالف حينئذ. والشاهد في "رهوا" فإنه بمعنى الساكن الهادئ الهين وانظر الديوان 4 والقرطبي 16/137 والكشاف 3/503 وشرح شواهد الكشاف 4/502 بنسبته للقطامي ومجمع البيان 9/96 وديوان المفضليات 552، 632.
[50332]:كذا قال السمين عنه والذي في المجاز: "ساكنا يقال: اره على نفسك أي ارفق بها" المجاز 2/208.
[50333]:ما بين القوسين كله سقط من ب وانظر القرطبي 16/137.
[50334]:حكى كل هذه الأقوال ابن منظور في اللسان "رها" 1758 و59 و60 و61 وفيه الاستزادة من معان أخرى أيضا. وانظر أيضا الحيوان للجاحظ 5/149 و419.