في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

28

ثم يكرر قاعدة أن بسط الرزق وقبضه أمر آخر يريده الله لحكمة منفصلة ؛ وأن ما ينفق منه في سبيل الله هو الذخر الباقي الذي يفيد ، لتقر هذه الحقيقة واضحة في القلوب :

( قل : إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له . وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

قُلْ إنّ رَبّي يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ

يقول تعالى ذكره : قل يا محمد إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من خَلْقه ، فيوسعه عليه تكرمة له وغير تكرمة ، ويَقْدِر على من يشاء منهم فيضيقه ويقتره إهانة له وغير إهانة ، بل مِحنة واختبارا وَما أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ يقول : وما أنفقتم أيها الناس من نفقة في طاعة الله ، فإن الله يخلفها عليكم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جُبَير وَما أنْفَقْتُمْ منْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ قال : ما كان في غير إسراف ولا تقتير .

وقوله : وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ يقول : وهو خير من قيل إنه يَرْزُق ووُصِف به ، وذلك أنه قد يوصف بذلك من دونه ، فيقال : فلان يَرزُق أهله وعياله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

{ قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له } يوسع عليه تارة ويضيع عليه أخرى ، فهذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير . { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } عوضا أما عاجلا أو آجلا . { وهو خير الرازقين } فإن غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

ثم وعد بالخلف في ذلك وهو بشرط الاقتصاد والنية في الطاعة ودفع المضرات وعد منجز إما في الدنيا وإما في الآخرة ، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «قال الله لي أنفق أُنفق عليك »{[9667]} وفي البخاري أن ملكاً ينادي كل يوم اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول ملك آخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً{[9668]} ، وقال مجاهد المعنى إن كان خلف فهو موليه وميسره ، وقد لا يكون الخلف ، وأما قوله { خير الرازقين } فمن حيث يقال في الإنسان إنه يرزق عياله ، والأمير جنده ، لكن ذلك من مال يملك عليهم والله تعالى من خزائن لا تفنى{[9669]} ومن إخراج من عدم إلى وجود ، وقرأ الأعمش «ويُقدّر » بضم الياء وشد الدال .


[9667]:أخرج البخاري، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( قال الله عز وجل: أنفق يابن آدم أُنفق عليك).(الدر المنثور).
[9668]:أخرجه البخاري،ومسلم في الزكاة، وأخرجه أحمد في سنده(5-197)، ولفظه كما في مسند الإمام أحمد، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم، فإن ما قل كفى خير مما كثر وألهى، ولا آبت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا مالا تلفا).
[9669]:يعني: يرزق من خزائن لا تفنى...الخ.