تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

{ قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } .

المفردات :

يخلفه : يعطي بدله .

خير الرازقين : خير المعطين للرزق .

التفسير :

أكد القرآن هنا ما سبق أن قرره .

ومعنى الآية : إن الله تعالى يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء لحكمة إلهية عليا ، فقد يمتحن الإنسان بالغنى كما يمتحن آخر بالفقر أو البلاء .

قال تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون } . ( الأنبياء : 35 ) .

{ وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } .

تكفل الله أن يعوض من أخرج نفقة في سبيل الله فعطاء الله متجدد وفي الحديث القدسي عند مسلم " يقول الله تعالى يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك " xviii

وروى الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " . xix

{ وهو خير الرازقين }

أي هو سبحانه أفضل من رزق ، وأكرم من أعطى فإذا وزع السلطان أرزاق الجنود ومرتباتهم أو وزع الرجل أموالا على أولاده أو وزع الحاكم الأعطيات والمنح فذلك من رزق الله أجراه على أيدي هؤلاء وهو خالق الرزق وخالق الأسباب التي ينتفع بها المرزوق بالرزق .

قال القرطبي ما أنفق في معصية فلا خلاف انه غير مثاب عليه ولا مخلوف له وأما البنيان فما كان منه ضروريا يكن الإنسان ويحفظه فذلك مخلوف عليه ومأجور ببنيانه .

وقال الفخر الرازي : وخيرية الرزق في أمور :

أحدها : ألا يؤخر عن وقت الحاجة .

والثاني : ألا ينقص عن قدر الحاجة .

والثالث : ألا ينكده بالحساب .

والرابع : ألا يكدره بطلب الثواب والله تعالى كذلك .

فهو سبحانه عالم وقادر وهو غني واسع هو كريم يرزق من يشاء بغير حساب وهو سبحانه يعطي عباده ولا ينتظر منهم مكافأة .

قال تعالى : { يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } . ( فاطر : 15 ) .

***