لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (39)

قوله تعالى عز وجل { قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } أي يعطي خلفه إذا كان في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه ويعوضه لا معوض سواه إما عاجلاً بالمال أو بالقناعة التي هي كنز لا ينفد ، وإما بالثواب في الآخرة الذي كل خلف دونه ، وقيل ما تصدقتم من صدقة وأنفقتم من خير فهو يخلفه على المنفق . قال مجاهد : من كان عنده من هذا المال ما يقيمه فليقتصد ، فإن الرزق مقسوم ولعل ما قسم له قليل ، وهو ينفق نفقة الموسع عليه فينفق جميع ما في يده ثم يبقى طول عمره في فقره ، ولا يتأولن وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه فإن هذا في الآخرة ومعنى الآية ما كان من خلف فهو منه ( ق ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قال الله تبارك وتعالى : أنفق ينفق عليك » ولمسلم « يا ابن آدم أنفق أنفق عليك » ( ق ) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً » ( م ) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع لله إلا رفعه الله » { وهو خير الرازقين } أي خير من يعطي ويرزق لأن ما رزق غيره من سلطان يرزق جنده أو سيد يرزق مملوكه أو رجل يرزق عياله فهو من رزق الله أجراه الله على أيدي هؤلاء وهو الرزاق الحقيقي الذي لا رازق سواه .