في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (27)

27

( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون . فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم . وإن قيل لكم : ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم ، والله بما تعملون عليم . ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم . والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) . .

لقد جعل الله البيوت سكنا ، يفيء إليها الناس ؛ فتسكن أرواحهم ؛ وتطمئن نفوسهم ؛ ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم ، ويلقون أعباء الحذر والحرص المرهقة للأعصاب !

والبيوت لا تكون كذلك إلا حين تكون حرما آمنا لا يستبيحه أحد إلا بعلم أهله وإذنهم . وفي الوقت الذي يريدون ، وعلى الحالة التي يحبون أن يلقوا عليها الناس .

ذلك إلى أن استباحة حرمة البيت من الداخلين دون استئذان ، يجعل أعينهم تقع على عورات ؛ وتلتقي بمفاتن تثير الشهوات ؛ وتهيى ء الفرصة للغواية ، الناشئة من اللقاءات العابرة والنظرات الطائرة ، التي قد تتكرر فتتحول إلى نظرات قاصدة ، تحركها الميول التي أيقظتها اللقاءات الأولى على غير قصد ولا انتظار ؛ وتحولها إلى علاقات آثمة بعد بضع خطوات أو إلى شهوات محرومة تنشأ عنها العقد النفسية والانحرافات .

ولقد كانوا في الجاهلية يهجمون هجوما ، فيدخل الزائر البيت ، ثم يقول : لقد دخلت ! وكان يقع أن يكون صاحب الدار مع أهله في الحالة التي لا يجوز أن يراهما عليها أحد . وكان يقع أن تكون المرأة عاريةأو مكشوفة العورة ، هي أو الرجل ، وكان ذلك يؤذي ويجرح ، ويحرم البيوت أمنها وسكينتها ؛ كما يعرض النفوس من هنا ومن هناك للفتنة ، حين تقع العين على ما يثير .

من أجل هذا وذلك أدب الله المسلمين بهذا الأدب العالي . أدب الاستئذان على البيوت ، والسلام على أهلها لإيناسهم . وإزالة الوحشة من نفوسهم ، قبل الدخول :

( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) . .

ويعبر عن الاستئذان بالاستئناس - وهو تعبير يوحي بلطف الاستئذان ، ولطف الطريقة التي يجيء بها الطارق ، فتحدث في نفوس أهل البيت أنسا به ، واستعدادا لاستقباله . وهي لفتة دقيقة لطيفة ، لرعاية أحوال النفوس ، ولتقدير ظروف الناس في بيوتهم ، وما يلابسها من ضرورات لا يجوز أن يشقى بها أهلها ويحرجوا أمام الطارقين في ليل أو نهار .

/خ29

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (27)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّىَ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ عَلَىَ أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لّكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ } .

اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : تأويله يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ : «لا تَدْخُلُوا بُيُوتا عيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلّمُوا عَلى أهْلِها » قال : وإنما «تستأنسوا » وَهَمٌ من الكتاب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس في هذه الآية : لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا على أهْلِها وقال : إنما هي خَطَأ من الكاتب : «حتى تستأذنوا وتسلموا » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، بمثله ، غير أنه قال : إنما هي حتى تستأذنوا ، ولكنها سقط من الكاتب .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا معاذ بن سليمان ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد ، عن ابن عباس : حتى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا عَلى أهْلِها قال : أخطأ الكاتب . وكان ابن عباس يقرأ : «حتى تَسْتأْذِنُوا وَتُسَلّمُوا » وكان يقرؤها على قراءة أُبيّ بن كعب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش أنه كان يقرؤها : «حتى تَسْتأذِنوا وتُسَلّمُوا » قال سفيان : وبلغني أن ابن عباس كان يقرؤها : «حتى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلّمُوا » وقال : إنها خَطَأ من الكاتب .

حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا على أهْلِها قال : الاستئناس : الاستئذان .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : في مصحف ابن مسعود : «حتى تُسَلّموا عَلى أهْلِها وَتَسْتَأذِنُوا » .

قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جعفر بن إياس ، عن سعيد ، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : «يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تُسَلّمُوا عَلى أهْلِها وَتَسْتأذِنُوا » قال : وإنما تستأنسوا وَهم من الكُتّاب .

قال : حدثنا هشيم ، قال مغيرة ، قال مجاهد : جاء ابن عمر من حاجة وقد آذاه الرّمْضاء ، فأتى فُسطاط امرأة من قريش ، فقال : السلام عليكم ، أدخل ؟ فقالت : ادخل بسلام فأعاد ، فأعادت ، وهو يراوح بين قدميه ، قال : قولي ادْخل قالت : ادخل فدخل .

قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا منصور ، عن ابن سيرين ، وأخبرنا يونس بن عبيد ، عن عمرو بن سعيد الثقفيّ : أنّ رجلاً استأذن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : أَلِج أو أَنَلِج ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها رَوْضة : «قومي إلى هَذَا فَكَلّمِيهِ ، فإنّهُ لا يُحْسِنُ يَسْأْذِنُ ، فَقُولي لَهْ يَقُولُ : السّلامُ عَلَيْكُمْ ، أدْخُل ؟ » فسمعها الرجل ، فقالها ، فقال : «أُدْخُلْ » .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عباس ، قوله : حتى تَسْتأْنِسوا قال : الاستئذان ، ثم نُسخ واستثني : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أنْ تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ مَسْكُونَةٍ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبو حمزة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، قوله : لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ قال : حتى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة : حتى تَسْتَأْنِسُوا قال : حتى تستأذنوا وتسلّموا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أشعث بن سوار ، عن كردوس ، عن ابن مسعود ، قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأَخَواتكم .

قال أشعث عن عديّ بن ثابت : أن امرأة من الأنصار ، قالت : يا رسول الله ، إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحبّ أن يراني أحد عليها والد ولا ولد ، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحال ؟ قال : فنزلت : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا على أهْلِها . . . الآية .

وقال آخرون : معنى ذلك : حتى تُؤْنِسوا أهل البيت بالتنحنح والتنخم وما أشبهه ، حتى يعلموا أنكم تريدون الدخول عليهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد ، في قوله : لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا عَلى أهْلِها قال : حتى تتنحنحوا وتتنخموا .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : حتى تَسْتَأْنسُوا قال : حتى تجرّسوا وتسلموا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : حتى تَسْتَأْنِسُوا قال : تَنَحْنحوا وتَنَخّموا .

قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يخبر عن ابن عباس ، قال : ثلاث آيات قد جحدهنّ الناس ، قال الله : إنّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أتْقاكُمْ قال : ويقولون : إن أكرمهم عند الله أعظمهم شأنا . قال : والإذن كله قد جحده الناس فقلت له : أستأذن على أَخَواتي أيتامٍ في حِجري معي في بيت واحد ؟ قال : نعم ، فرددت على من حضرني ، فأبى ، قال : أتحبّ أن تراها عريانة ؟ قلت : لا . قال : فاستأذِن فراجعته أيضا ، قال : أتحبّ أن تطيع الله ؟ قلت : نعم ، قال : فاستأذِن فقال لي سعيد بن جُبير : إنك لَتُرَدّد عليه قلت : أردت أن يرخص لي .

قال ابن جُرَيج : وأخبرني ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : ما من امرأة أكره إليّ أن أرى كأنه يقول عريتها أو عريانة من ذات محرم . قال : وكان يشدّد في ذلك . قال ابن جُرَيج ، وقال عطاء بن أبي رباح : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ، فواجب على الناس أجمعين إذا احتلموا أن يستأذنوا على من كان من الناس . قلت لعطاء : أواجب على الرجل أن يستأذن على أمه ومَنْ وراءَها من ذات قرابته ؟ قال : نعم . قلت : أَبِرّ وَجَب ؟ قال قوله : وَإذَا بَلَغَ الأطْفالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتأْذِنُوا . قال ابن جُرَيج : وأخبرني ابن زياد : أن صفوان مولى لبني زُهْرة ، أخبره عن عطاء بن يسار : أن رجلاً قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أَسْتأذِنُ على أمي ؟ قال : «نَعَمْ » . قال : إنها ليس لها خادم غيري ، أفأستأذن عليها كلما دخلت ؟ قال : «أتُحبّ أنْ تَراها عُرْيانَةً ؟ » قال الرجل : لا . قال : «فاسْتأْذِنْ عَلَيْها » . قال ابن جُرَيج عن الزهريّ ، قال : سمعت هزيل بن شُرَحبيل الأَوْدِيّ الأعمى ، أنه سمع ابن مسعود يقول : عليكم الإذن على أمهاتكم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قلت لعطاء : أيستأذن الرجل على امرأته ؟ قال : لا .

حدثنا الحسين ، قال : حدثنا محمد بن حازم ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن يحيى بن الجزّار ، عن ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود ، عن زينب قالت : كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب ، تنحنح وبَزَق ، كراهة أن يَهْجُم منا على أمر يكرهه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتا غيرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتأْنِسُوا قال : الاستئناس : التنحنح والتجرّس ، حتى يعرفوا أن قد جاءهم أحد . قال : والتجرّس : كلامه وتنحنحه .

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الاستئناس : الاستفعال من الأنس ، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدخول عليهم ، مخبرا بذلك من فيه ، وهل فيه أحد ؟ وليؤذنهم أنه داخل عليهم ، فليأنس إلى إذنهم له في ذلك ، ويأنسوا إلى استئذانه إياهم . وقد حُكِي عن العرب سماعا : اذهب فاستأنس ، هل ترى أحدا في الدار ؟ بمعنى : انظر هل ترى فيها أحدا ؟

فتأويل الكلام إذن ، إذا كان ذلك معناه : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تسلموا وتستأذنوا ، وذلك أن يقول أحدكم : السلام عليكم ، أدخل ؟ وهو من المقدم الذي معناه التأخير ، إنما هو : حتى تسلموا وتستأذنوا ، كما ذكرنا من الرواية عن ابن عباس .

وقوله : ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ يقول : استئناسكم وتسليمكم على أهل البيت الذي تريدون دخوله ، فإن دخولكموه خير لكم لأنكم لا تدرون أنكم إذا دخلتموه بغير إذن ، على ماذا تهجُمون ؟ على ما يسوءكم أو يسرّكم ؟ وأنتم إذا دخلتم بإذن ، لم تدخلوا على ما تكرهون ، وأدّيتم بذلك أيضا حقّ الله عليكم في الاستئذان والسلام . وقوله : لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ يقول : لتتذكروا بفعلكم ذلك أو الله عليكم ، واللازم لكم من طاعته ، فتطيعوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (27)

{ يا أيها اللذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم } التي تسكنوها فإن الآجر والمعير أيضا لا يدخلان إلا بإذن . { حتى تستأنسوا } تستأذنوا من الاستنئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره ، فإن المستأذن مستعلم للحال مستكشف أنه هل يراد دخوله أو يؤذن له ، أو من الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش فإن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له فإذا أذن له استأنس ، أو تتعرفوا هل ثم إنسان من الإنس . { وتسلموا على أهلها } بأن تقولوا السلام لعيكم أأدخل . وعنه عليه الصلاة والسلام " التسليم أن يقول السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات فإن أذن له دخل وإلا رجع " { ذلكم خير لكم } أي الاستئذان أو التسليم خير لكم من أن تدخلوا بغتة ، أو من تحية الجاهلية كان الرجل منهم إذا دخل بيتا غير بيته قال : حييتم صباحا أو حييتم مساء ودخل فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف . وروي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم " أأستأذن على أمي ، قال نعم : قال : إنها ليس لها خادم غيري أأستأذن عليها كلما دخلت ، قال أتحب أن تراها عريانة ، قالا : لا ، قال فاستأذن " { لعلكم تذكرون } متعلق بمحذوف أي أنزل عليكم ، أو قيل لكم هذا إرادة أن تذكروا وتعملوا بما هو أصلح لكم .