الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (27)

قوله : { تَسْتَأْنِسُواْ } : يجوزُ أن يكونَ من الاستئناس ؛ لأنَّ الطارِقَ يَسْتَوْحِشُ من أنه : هل يُؤْذن له أو لا ؟ فيُزالُ استيحاشُه ، وهو رَدِيْفُ الاستئذانِ فَوُضِع موضعَه . وقيل : من الإِيناس وهو الإِبْصار أي : حتى تَسْتَكْشفوا الحالَ . وفسَّره ابن عباس " حتى تَسْتَأْذِنُوا " وليست قراءةً . وما يُنقل عنه أنه قال : " تستأنسوا خطأٌ من الكاتب ، إنما هون تستأذنوا " . . . . . منحولٌ عليه . وهو نظيرُ ما تقدَّم في الرعد { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ } [ الرعد : 31 ] وقد تقدَّم القول فيه .

والاستِئْناسُ : الاسْتِعْلام ، قال :

كأنَّ رَحْلِيْ وقد زال النهارُ بنا *** يومَ الجليلِ على مُسْتَأْنِسٍ وَحَِدِ

وقيل : هو من الإِنْس بكسرِ الهمزةِ أي : يتعرَّفُ : هل فيها إنسِيُّ أم لا ؟ وحكى الطبريُّ أنه بمعنى : وتُؤْنِسُوا أنفسَكم " .

قال ابنُ عطية : " وتصريفُ الفعل يَأْبى أَنْ يكونَ مِنْ آنسَ " .