ولما كانت الشفاعة إنما تقع وتنفع بشرط براءة المشفوع له من الذنب إما بالاعتراف بما نسب إليه والإقلاع عنه ، وإما بالاعتذار عنه ، وكان ذلك إنما يجري عند المخلوقين على الظاهر ، ولذلك كانوا ربما وقع لهم الغلط فيمن لو علموا باطنه لما قبلوا الشفاعة فيه ، علل تعالى ما تقدم بعلمه أن المشفوع له ليس بأهل لقبول الشفاعة فيه لإحاطة علمه فقال : { يعلم خائنة } ولما كان السياق هنا للابلاغ في أن علمه تعالى محيط بكل كلي وجزئي ، فكان من المعلوم أن الحال يقتضي جمع الكثرة ، وأنه ما عدل عنه إلى جمع القلة إلا للاشارة إلى أن علمه تعالى بالكثير كعلمه بالقليل الكل ، عليه هين ، فالكثير عنده في ذلك قليل فلذا قال : { الأعين } أي خيانتها التي هي أخفى ما يقع من أفعال الظاهر ، جعل الخيانة مبالغة في الوصف وهي الإشارة بالعين ، قال أبو حيان : من كسرجفن وغمز ونظر يفهم منه ما يراد - انتهى .
وذلك يفعل بفعل ما يخالف الظاهر ، ولما ذكر أخفى أفعال الظاهر ، أتبعه أخفى ما في الباطن فقال : { وما تخفي الصدور * } أي عن المشفوع عنده وغير ذلك .
قوله : { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ } الله يعلم مسارفة النظر إلى ما لا يحل لنظر إليه ؛ أي يعلم الله الأعين الخائنة . وقيل : المراد النظرة بعد النظرة . والمعنى الأول أولى بالصواب لشموله ؛ فالله – جل وعلا – يعلم ما تسترقه الأنظار مما لا يحل النظر إليه مما فيه انتهاك لحرمات المسلمين واطلاع على أستارهم وعوراتهم وهو ما يفعله أهل الرِّيب { وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } الله عليم بما تكنه قلوب الناس من خفايا ؛ فإنه سبحانه عليم بالأسرار والنوايا ؛ إذ يستوي لديه الظاهر والباطن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.