الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} (19)

أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } قال : الرجل يكون في القوم ، فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها ، وإذا غفلوا لحظ إليها ، وإذا نظروا غض بصره عنها ، وقد اطلع الله من قلبه أنه ودَّ أنه ينظر إلى عورتها .

وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { يعلم خائنة الأعين } قال : نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا ؟ { وما تخفي الصدور } قال : إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ؟ ألا أخبركم { والله يقضي بالحق } قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة .

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه { يعلم خائنة الأعين } قال : يعلم همزه وإضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه { يعلم خائنة الأعين } قال : نظر العين إلى ما نهي عنه .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه { يعلم خائنة الأعين } قال : كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة ، فيرفع رأسه فيلحظ إليها ثم ينكس .

وأخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين ، وقال : « أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة ، منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح . فاختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به فقال : يا رسول الله بايع عبد الله . فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى يبايعه ، ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ فقالوا : ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ، هلا أومأت إلينا بعينك ؟ ! قال : أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين » .

وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم طهر قلبي من النفاق ، وعملي من الرياء ، ولساني من الكذب ، وعيني من الخيانة ، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور » .