ثم وصف سبحانه شمول علمه بكل شيء وإن كان في غاية الخفاء فقال :
{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ } وهي مسارقة النظر على ما لا يحل له النظر إليه ، والخائنة مصدر كالعافية والكاذبة ، أي يعلم خائنة الأعين ، والجملة خبر آخر لقوله : هو الذي يريكم ، أو خبر رابع عن المبتدأ الذي أخبر برفيع وما بعده عنه ، والأول هو الظاهر ، وقيل غير ذلك ، قال المؤرج : فيه تقديم وتأخير أي يعلم الأعين الخائنة . وقيل : الإضافة على معنى من ، أي : الخائنة من الأعين ، قال قتادة : خائنة الأعين الهمز بالعين فيما لا يحب الله ، وقال الضحاك : هو قول الإنسان : ما رأيت ، وقد رأى ، ورأيت ، وما رأى . وقال السدي : إنه الرمز بالعين ، وقال سفيان : هي النظرة بعد النظرة ، وبه قال الفراء والأول أولى ، وبه قال مجاهد قال ابن عباس في الآية : ( الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها ، وإذا غضوا نظر إليها ، وإذا نظروا غض بصره عنها ، وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن ينظر إلى عورتها أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم .
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الشعب عنه في الآية قال : ( إذا نظر إليها يريد الخيانة أم لا ؟ وما تخفي الصدور ، قال : إذا قدر عليها أيزني لها أم لا ؟ ألا أخبركم بالتي تليها ؟ والله يقضي بالحق ، قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة .
وأخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد قال لما كان يوم فتح مكة أمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال : اقتلوهم ، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فاختبأ عند عثمان بن عفان ، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به فقال : ( يا رسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى بيعته ثم بايعه ، ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ، فقالوا ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ؟ هلا أومأت إلينا بعينك فقال إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين ) .
{ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } أي القلوب من الضمائر ، وتستره وتكنه ، وتضمره عن معاصي الله أو من أمانة وخيانة أو النظرة الأولى ، أو هل يزني بها لو خلا بها أو لا ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.