قوله : { يَعْلَمُ } : فيه أربعةُ أوجهٍ ، أحدُها : - وهو الظاهر - أنه خبرٌ آخرُ عن " هو " في قوله : { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ } . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : بِمَ اتَّصلَ قولُه : { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ } ؟ قلت : هو خبرٌ من أخبارِ " هو " في قولِه : { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ } مثل : { يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ }
[ غافر : 15 ] ولكنْ " يُلْقي الروحَ " قد عُلِّلَ بقولِه : " لِيُنْذِرَ " ثم استطرد لذِكْرِ أحوالِ يومِ التَّلاقِ إلى قوله : { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } فبَعُدَ لذلك عن أخواته " .
الثاني : أنه مُتَّصلٌ بقولِه : " وأَنْذِرْهم " لَمَّا أُمِرَ بإنذاره يوم الآزفة وما يَعْرِضُ فيه مِنْ شدَّة الغمِّ والكَرْبِ ، وأنَّ الظالمَ لا يجدُ مَنْ يَحْميه ، ولا شفيعَ له ، ذَكَر اطِّلاعَه على جميع ما يَصْدُر مِنَ الخلقِ سِرّاً وجَهْراً . وعلى هذا فهذه الجملةُ لا محلَّ لها لأنها في قوة التعليلِ للأمرِ بالإِنذار .
الثالث : أنها متصلةٌ بقولِه { سَرِيعُ الْحِسَابِ } [ غافر : 17 ] .
الرابع : أنها متصلة بقولِه : { لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } [ غافر : 16 ] . وعلى هذين الوجهين فيُحْتمل أَنْ تكونَ جاريةً مَجْرَى العلةِ ، وأنْ تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال .
وخائنةُ الأَعْيُن فيه وجهان ، أحدهما : أنه مصدرٌ كالعافيةِ ، أي : يَعْلَمُ خيانةَ الأعين . / والثاني : أنها صفةٌ على بابِها ، وهو مِنْ بابِ إضافةِ الصفةِ للموصوفِ ، والأصلُ : الأعين الخائنة ، كقوله :
3922 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وإن سَقَيْتِ كِرامَ الناسِ فاسْقِينا
وقد رَدَّه الزمخشريُّ وقال : " لا يَحْسُنُ أَنْ يُراد : الخائنة من الأعين ؛ لأنَّ قولَه : { وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } لا يُساعِدُ عليه " يعني أنه لا يناسِبُ أن يقابلَ المعنى إلاَّ بالمعنى . وفيه نظرٌ ؛ إذ لقائلِ أَنْ يقولَ : لا نُسَلِّمُ أنَّ " ما " في { وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } مصدريةٌ حتى يَلْزَمَ ما ذكره ، بل يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي ، وهو عبارةٌ عن نفس ذلك الشيءِ المَخْفِيِّ ، فيكونُ قد قابَلَ الاسمَ غيرَ المصدرِ بمثلهِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.