اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} (19)

و«خَائِنَة الأَعْيُنِ » فيه وجهان :

أحدهما : أنها مصدر بمعنى الخيانة كالعافية بمعنى المعافاة ( والعافية ){[48064]} أي يعلم خيانة الأعين أي استراق النظر إلى ما لا يحل كما يفعل أهل الريب .

والثاني : أنها صفة على{[48065]} بابها وهو من باب إضافة الصفة للموصوف والأصل الأعينُ الخائنة كقوله :

4330 . . . . . . . . . . . . . *** وإنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فاسْقِِينَا{[48066]}

وقد رده الزمخشري وقال : لا يحسن أن يراد الخائنةَ من الأعين لأن قوله : { وَمَا تُخْفِي الصدور } لا يساعد عليه{[48067]} يعني أنه لا يناسب أن يقابل المعنى إلا بالمعنى{[48068]} .

وفيه نظر ؛ إذ لقائل أن يقول لا نسلم أن «ما » في قوله { وما تخفي الصدور } مصدرية حتى يلزم ما ذكره ، بل يجوز أن يكون بمعنى الذي وهو عبارة عن نفس ذلك الشيء المخفي فيكون قد قابل الاسم غير المصدر بمثله ، والمراد بقوله : { وما تخفي الصدور } أي تضمر القلوب{[48069]} .

واعلم أن الأفعال قسمان : أفعال الجوارح ، وأفعال القلوب ، وأما أفعال الجوارح فأخفاها خائنة الأعين والله عالم بها فكيف الحال في سائر الأعمال ، وأما أفعال القلوب فهي معلومة لله تعالى لقوله { وَمَا تُخْفِي الصدور } فدل هذا على كونه عالماً بجميع أفعالهم .


[48064]:زيادة من النسختين عن الكشاف مصدر الكلام.
[48065]:وقد ذكر هذين الوجهين الزمخشري في الكشاف 2/421.
[48066]:من بحر البسيط لبشامة بن حزن النهشلي صدره: إنا محيوك يا سلمى فحيينا. وشاهده كرام الناس من إضافة الصفة للموصوف، فالأصل الناس الكرم، وانظر توضيح المقاصد 2/246 والبحر المحيط 7/457 والخزانة 8/302، وعجزه في ملحقات ديوان المفضليات 886.
[48067]:الكشاف 3/421.
[48068]:هذا رد أو توضيح أبي حيان لكلام الزمخشري في البحر 7/457 حيث يريد الزمخشري المصدر مع المصدر.
[48069]:هذا رد السمين على الزمخشري نقله المؤلف عنه وهو رأي وجيه حيث لا داعي لهذا الإلزام الذي فرضه الزمخشري انظر الدر 4/686.