في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

ثم هو اليوم الذي يبرزون فيه بلا ساتر ولا واق ولا تزييف ولا خداع :

( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ) . .

والله لا يخفى عليه منهم شيء في كل وقت وفي كل حال . ولكنهم في غير هذا اليوم قد يحسبون أنهم مستورون ، وأن أعمالهم وحركاتهم خافية ، أما اليوم فيحسون أنهم مكشوفون ، ويعلمون أنهم مفضوحون ؛ ويقفون عارين من كل ساتر حتى ستار الأوهام !

ويومئذ يتضاءل المتكبرون ، وينزوي المتجبرون ، ويقف الوجود كله خاشعاً ، والعباد كلهم خضعاً . ويتفرد مالك الملك الواحد القهار بالسطان . وهو سبحانه متفرد به في كل آن . فأما في هذا اليوم فينكشف هذا للعيان ، بعد انكشافه للجنان . ويعلم هذا كل منكر ويستشعره كل متكبر . وتصمت كل نأمة وتسكن كل حركة . وينطلق صوت جليل رهيب يسأل ويجيب ؛ فما في الوجود كله يومئذ من سائل غيره ولا مجيب :

( لمن الملك اليوم ? ) . . ( لله الواحد القهار ) . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

{ يوم هم بارزون } خارجون من قبورهم { لا يخفى على الله } من أعمالهم وأموالهم { شيء } يقول الله في ذلك اليوم { لمن الملك اليوم } ثم يجيب نفسه { لله الواحد القهار }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

قوله تعالى : " يوم هم بارزون " يكون بدلا من يوم الأول . وقيل : " هم " في موضع رفع بالابتداء و " بارزون " خبره والجملة في موضع خفض بالإضافة ؛ فلذلك حذف التنوين من " يوم " وإنما يكون هذا عند سيبويه إذا كان الظرف بمعنى إذ ، تقول لقيتك يوم زيد أمير . فإن كان بمعنى إذا لم يجز نحو أنا ألقاك يوم زيد أمير . ومعنى : " بارزون " خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء ؛ لأن الأرض يومئذ قاع صفصف لا عوج فيها ولا أمتا على ما تقدم في " طه " {[13363]} بيانه . " لا يخفى على الله منهم شيء " قيل : إن هذا هو العامل في " يوم هم بارزون " أي لا يخفى عليه شيء منهم ومن أعمالهم " يوم هم بارزون " . " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " وذلك عند فناء الخلق . وقال الحسن : هو السائل تعالى وهو المجيب ؛ لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه فيجيب نفسه سبحانه فيقول : " لله الواحد القهار " . النحاس : وأصح ما قيل فيه ما رواه أبو وائل عن ابن مسعود قال : ( يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص الله جل وعز عليها ، فيؤمر مناد ينادي " لمن الملك اليوم " فيقول العباد مؤمنهم وكافرهم " لله الواحد القهار " فيقول المؤمنون هذا الجواب " سرورا وتلذذا ، ويقوله الكافرون غما وانقيادا وخضوعا . فأما أن يكون هذا والخلق غير موجودين فبعيد ؛ لأنه لا فائدة فيه ، والقول صحيح عن ابن مسعود وليس هو مما يؤخذ بالقياس ولا بالتأويل .

قلت : والقول الأول ظاهر جدا ؛ لأن المقصود إظهار انفراده تعالى بالملك عند انقطاع دعاوي المدعين وانتساب المنتسبين ؛ إذ قد ذهب كل ملك وملكه ومتكبر وملكه وانقطعت نسبهم ودعاويهم ، ودل على هذا قوله الحق عند قبض الأرض والأرواح وطي السماء : " أنا الملك أين ملوك الأرض " كما تقدم في حديث أبي هريرة وفي حديث ابن عمر ، ثم يطوي الأرض بشماله والسموات بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون . وعنه قوله سبحانه : " لمن الملك اليوم " هو انقطاع زمن الدنيا وبعده يكون البعث والنشر . قال محمد بن كعب قوله سبحانه : " لمن الملك اليوم " يكون بين النفختين حين فني الخلائق وبقي الخالق فلا يرى غير نفسه مالكا ولا مملوكا فيقول : " لمن الملك اليوم " فلا يجيبه أحد ؛ لأن الخلق أموات فيجيب نفسه فيقول : " لله الواحد القهار " لأنه بقي وحده وقهر خلقه . وقيل : إنه ينادي مناد فيقول : " لمن الملك اليوم " فيجيبه أهل الجنة : " لله الواحد القهار " فالله أعلم . ذكره الزمخشري .


[13363]:راجع ج 11 ص 246 طبعة أولى أو ثانية.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

{ يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار }

{ يوم هم بارزون } خارجون من قبورهم { لا يخفى على الله منهم شيءٌ لمن الملك اليوم } بقوله تعالى ، ويجيب نفسه { لله الواحد القهار } أي لخلفه .