في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{طسٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشعراء مكية وآياتها سبع وعشرون ومائتان

موضوع هذه السورة الرئيسي هو موضوع السور المكية جميعا . . العقيدة . . ملخصة في عناصرها الأساسية : توحيد الله : ( فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ) . . والخوف من الآخرة : ( ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) . . والتصديق بالوحي المنزل على محمد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( وإنه لتنزيل رب العالمين ؛ نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) . . ثم التخويف من عاقبة التكذيب ، إما بعذاب الدنيا الذي يدمر المكذبين ؛ وإما بعذاب الآخرة الذي ينتظر الكافرين : ( فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون ! ) . . ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) .

ذلك إلى تسلية الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وتعزيته عن تكذيب المشركين له وللقرآن : ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين )وإلى طمأنة قلوب المؤمنين وتصبيرهم على ما يلقون من عنت المشركين ؛ وتثبيتهم على العقيدة مهما أوذوا في سبيلها من الظالمين ؛ كما ثبت من قبلهم من المؤمنين .

وجسم السورة هو القصص الذي يشغل ثمانين ومائة آية من مجموع آيات السورة كلها . والسورة هي هذا القصص مع مقدمة وتعقيب . والقصص والمقدمة والتعقيب تؤلف وحدة متكاملة متجانسة ، تعبر عن موضوع السورة وتبرزه في أساليب متنوعة ، تلتقي عند هدف واحد . . ومن ثم تعرض من كل قصة الحلقة أو الحلقات التي تؤدي هذه الأغراض .

ويغلب على القصص كما يغلب على السورة كلها جو الإنذار والتكذيب ، والعذاب الذي يتبع التكذيب . ذلك أن السورة تواجه تكذيب مشركي قريش لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] واستهزاءهم بالنذر ، وإعراضهم عن آيات الله ، واستعجالهم بالعذاب الذي يوعدهم به ؛ مع التقول على الوحي والقرآن ؛ والادعاء بأنه سحر أو شعر تتنزل به الشياطين !

والسورة كلها شوط واحد - مقدمتها وقصصها وتعقيبها - في هذا المضمار . لذلك نقسمها إلى فقرات أو جولات بحسب ترتيبها . ونبدأ بالمقدمة قبل القصص المختار :

( طسم . تلك آيات الكتاب المبين ) . .

طا . سين . ميم . . الأحرف المقطعة للتنبيه إلى أن آيات الكتاب المبين - ومنها هذه السورة - مؤلفة من مثل هذه الأحرف ؛ وهي في متناول المكذبين بالوحي ؛ وهم لا يستطيعون أن يصوغوا منها مثل هذا الكتاب المبين . والحديث عن هذا الكتاب متداول في السورة . في مقدمتها ونهايتها . كما هو الشأن في السور المبدوءة بالأحرف المقطعة في القرآن .