{ من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب } أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا جعفر بن محمد المغلس ، حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : " أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فنظر إلى القمر فقال : " يا عائشة ، استعيذي بالله من شر غاسق إذا وقب ، هذا غاسق إذا وقب " . فعلى هذا : المراد به : القمر إذا خسف واسود . { وقبج أي : دخل في الخسوف ، أو أخذ في الغيبوبة وأظلم .
وقال ابن عباس : الغاسق : الليل إذا أقبل بظلمته من المشرق ، ودخل في كل شيء وأظلم .
والغسق : الظلمة ، يقال : غسق الليل وأغسق إذا أظلم ، وهو قول الحسن ومجاهد ، يعني الليل إذا أقبل ودخل ، والوقوب : الدخول ، وهو دخول الليل بغروب الشمس .
قال مقاتل : يعني ظلمة الليل إذا دخل سواده في ضوء النهار .
وقيل : سمي الليل غاسقاً ؛ لأنه أبرد من النهار ، والغسق : البرد . وقال ابن زيد : إن الأسقام تكثر عند وقوعها ، وترتفع عند طلوعها .
{ ومن شر غاسق إذا وقب } فيه ثمانية أقوال :
الأول : أنه الليل إذا أظلم ، ومنه قوله تعالى : { إلى غسق الليل } [ الإسراء : 78 ] ، وهذا قول الأكثرين ، وذلك ؛ لأن ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإنس والجن ، ولذلك قال في المثل : الليل أخفى للويل .
الثاني : أنه القمر . خرج النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى القمر فقال : " يا عائشة ، استعيذي بالله من شر هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب " ، ووقوبه هذا كسوفه ؛ لأن وقب في كلام العرب يكون بمعنى الظلمة والسواد ، وبمعنى الدخول ، فالمعنى إذا دخل في الكسوف أو إذا أظلم به .
الثالث : أنه الشمس إذا غربت ، والوقوب على هذا المعنى الظلمة ، أو الدخول .
الرابع : أن الغاسق النهار إذا دخل في الليل ، وهذا قريب من الذي قبله .
الخامس : أن الغاسق سقوط الثريا ، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " النجم هو الغاسق " ، فيحتمل أن يريد الثريا .
السادس : أنه الذكر إذا قام ، حكى النقاش هذا القول عن ابن عباس .
السابع : قال الزمخشري : يجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيات ، ووقبه ضربه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.