قوله : { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } ، «إذا » منصوب ب «أعوذ » ، أي : أعوذ بالله من هذا في وقت كذا ، كذا .
والغسقُ : هو أول ظلمةِ الليل ، يقال منه : غسق الليل يغسق ، أي : يظلم .
قال ابن قيس الرقيَّات : [ المديد ]
5366- إنَّ هَذا اللَّيْلَ قدْ غَسقَا *** واشْتكَيْتُ الهَمَّ والأرَقَا{[61146]}
وهذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم ، ووقب على هذا : أظلم{[61147]} .
وقيل : نزل ، قال : وقب العذاب على الكافرين : نزل .
5367- وقَبَ العَذابُ عَليْهِمُ فكَأنَّهُمْ *** لحِقَتْهُمْ نَارُ السَّمُومِ فأحْصِدُوا{[61148]}
وقال الزجاج : قيل لليل : غاسق ؛ لأنه أبرد من النَّهار ، والغاسق : البارد ، والغسق : البرد ؛ ولأنَّ في الليل تخرج السِّباع من آجامها ، والهوام من أماكنها ، وينبعث أهل الشرِّ على العبث ، والفسادِ ، فاستعير من الليل .
5368- يَا طَيْفَ هِنْدٍ لقَدْ أبْقَيْتَ لِي أرقاً *** إذْ جِئْتنَا طَارِقاً والليلُ قَدْ غَسَقا{[61149]}
أي : أظلم واعتكر ، وقيل : الغاسق : الثُّريَّا ؛ لأنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين ، وإذا طلعت ارتفع ذلك . قاله عبد الرحمن بن زيد .
وقال القتبي : القمر إذا وقب إذا دخل في ساهورة كالغلاف إذا خسف ، وكل شيء أسود فهو غسق .
وقال قتادة : «إذَا وقَبَ » إذا غاب{[61150]} .
قال القرطبي{[61151]} : وهو أصح ، لما روى الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر ، فقال : «يا عَائِشةُ ، استَعِيذِي باللهِ من شرِّ هذا ، فإنَّ هذا هُوَ الغاسقُ إذا وقبَ »{[61152]} ، قال : هذا حديث حسن صحيح .
[ وقيل : الغاسق : الحيَّة إذا لدغت ، وكأن الغاسق نابها ؛ لأن السم يغسق منه ، أي : يسيل ، يقال : غسقت العين تغسق غسقاً ، إذا سالت بالماء ، وسمي الليل غاسقاً ، لانصباب ظلامه على الأرض ، ووقب نابها إذا قامت باللدغ ]{[61153]} .
وقيل : الغاسقُ : كل هاجم يضر ، كائناً ما كان ، من قولهم : غسقت القرحة ، إذا جرى صديدها .
قال ابن الخطيب{[61154]} : وعندي فيه وجه آخر ، لو أنه صح ، أن [ القمر في جرمه غير مستنير ؛ بل هو مظلم ، فهذا هو المراد من كونه غاسقاً ، وأما وقوبه فهو انمحاء نوره في آخر ] الشهر ، والمنجمون يقولون : إنه في آخر الشهر منحوس ، قليل القوة ؛ لأنه لا يزال نوره بسبب ذلك تزداد نحوسته ، فإن السحرة إنما يشتغلون في السحر الموروث ، للتمريض في هذا الوقت ، وهذا مناسب لسبب نزول السورة ، فإنها نزلت ؛ لأجل أنهم سحروا النبي صلى الله عيه وسلم لأجل التمريض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.