وقولُهُ تعالَى : { وَمِن شَر غَاسِقٍ } تخصيصٌ لبعضِ الشرورِ بالذكرِ معَ اندراجِهِ فيما قبلَهُ لزيادةِ مساسِ الحاجةِ إلى الاستعاذةِ منْهُ لكثرةِ وقوعِهِ ، ولأنَّ تعيينَ المستعاذِ منْهُ أدلّ على الاعتناءِ بالاستعاذةِ وأدعَى إلى الإعاذةِ ، أيْ وَمِنْ شرِّ ليلٍ مُعتكرٍ ظَلامُهُ ، مِنْ قوله تعالَى : { إلى غسق الليل } [ سورة الإسراء ، الآية 78 ] ، وأصْلُ الغسْقِ الامتلاءُ ، يقالُ : غسقتِ العينُ إذا امتلأتْ دمعاً ، وقيلَ : هُوَ السيلانُ ، وغسقُ الليلِ انصبابُ ظَلامِهِ ، وغسقُ العينِ سيلانُ دمعِهَا ، وإضافةُ الشرِّ إلى الليلِ لملابستِهِ لَهُ بحدوثِهِ فيهِ ، وتنكيرُهُ لعدمِ شمولِ الشرِّ لجميعِ أفرادِهِ ، ولا لكُلِّ أجزائِهِ ، وتقييدُهُ بقولِهِ تعالَى : { إِذَا وَقَبَ } ، أيْ دخلَ ظلامُهُ في كُلِّ شيءٍ ؛ لأَنَّ حدوثَهُ فيهِ أكثرُ ، والتحرزَ منْهُ أصعبُ وأعسرُ ، ولذلكَ قيلَ : الليلُ أَخْفَى للويلِ ، وقيلَ : الغاسقُ هُوَ القمرُ إذَا امتلأَ ، ووقوبُهُ دخولُهُ في الخسوفِ ، واسودادُهُ لمَا رُوِيَ عَنْ عائِشَةَ رضيَ الله عنْهَا أنَّها قالتْ : أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأشارَ إلى القمرِ فقالَ «تعوذِي بالله تَعَالَى منْ شَرِّ هَذا ، فإنَّهُ الغاسقُ إذَا وقبَ »{[871]} ، وقيلَ : التعبيرُ عنِ القمرِ بالغاسقِ ؛ لأنَّ جُرْمَهُ مظلمٌ ، وإنما يستنيرُ بضوءِ الشمسِ ، ووقوبُهُ المحاقُ في آخرِ الشهرِ ، والمنجمونَ يعدونَهُ نحساً ، ولذلكَ لا يشتغلُ السحرةُ بالسحرِ الموروثِ للتمريضِ إلاَّ في ذلكَ الوقتِ . قيلَ : وهُو المناسبُ لسببِ النزولِ ، وقيلَ : الغاسقُ الثُّريا ، ووقوبُهَا : سقوطُها ؛ لأنَّها إذَا سقطتْ كثرتِ الأمراضُ والطواعينُ ، وقيلَ : هُو كلُّ شر يعترِي الإنسانَ ، ووقوبُهُ هجومُهُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.