{ وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الغاسق الليل ، والغسق الظلمة ، يقال غسق الليل يغسق إذا أظلم . قال الفراء : يقال غسق الليل وأغسق إذا أظلم ، ومنه قول قيس بن الرقيات :
إن هذا الليل قد غسقا *** واشتكيت الهمّ والأرقا
وقال الزجاج : قيل لليل غاسق لأنه أبرد من النهار ، والغاسق البارد ، والغسق البرد ، ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها والهوامّ من أماكنها ، وينبعث أهل الشرّ على العبث والفساد ، كذا قال ، وهو : قول بارد ، فإن أهل اللغة على خلافه ، وكذا جمهور المفسرين ووقوبه : دخول ظلامه ، ومنه قول الشاعر :
وقب العذاب عليهم فكأنهم *** لحقتهم نار السموم فأخمدوا
أي دخل العذاب عليهم . ويقال وقبت الشمس : إذا غابت ، وقيل : الغاسق الثريا . وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين ، وإذا طلعت ارتفع ذلك ، وبه قال ابن زيد . وهذا محتاج إلى نقل عن العرب أنهم يصفون الثريا بالغسوق . وقال الزهري : هو الشمس إذا غربت ، وكأنه لاحظ معنى الوقوب ولم يلاحظ معنى الغسوق . وقيل : هو القمر إذا خسف ، وقيل : إذا غاب . وبهذا قال قتادة وغيره . واستدلوا بحديث أخرجه أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً إلى القمر لما طلع فقال : «يا عائشة استعيذي بالله من شرّ هذا ، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب » . قال الترمذي : بعد إخراجه حسن صحيح ، وهذا لا ينافي قول الجمهور ، لأن القمر آية الليل ولا يوجد له سلطان إلاّ فيه ، وهكذا يقال في جواب من قال : إنه الثريا . قال ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث : وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر . وقيل الغاسق : الحية إذا لدغت . وقيل الغاسق : كل هاجم يضرّ كائناً ما كان ، من قولهم غسقت القرحة : إذا جرى صديدها . وقيل : الغاسق هو السائل ، وقد عرّفناك أن الراجح في تفسير هذه الآية هو ما قاله أهل القول الأوّل ، ووجه تخصيصه أن الشرّ فيه أكثر ، والتحرز من الشرور فيه أصعب ، ومنه قولهم : الليل أخفى للويل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.