وذكر في الغاسق وجوه ؛ فعن الفراء وأبي عبيدة : هو الليل إذا جنّ ظلامه ، ومنه غسقت العين أو الجراحة إذا امتلأت دمعاً أو دماً . وقال الزجاج : هو البارد ، وسمي الليل غاسقاً ؛ لأنه أبرد من النهار ، فعلى هذا لعله أريد به الزمهرير . وقال قوم : هو السائل من قولهم : غسقت العين تغسق غسقاً إذا سالت بالماء ، وسمي الليل غاسقاً لانصباب ظلامه على الأرض . قلت : ولعل الاستعاذة على هذا التفسير إنما تكون من الغساق في قوله تعالى
{ إلا حميماً وغساقاً } [ النبأ :25 ] ، والوقوب : الدخول في الشيء ، بحيث يغيب عن العين ، هذا من حيث اللغة . ثم أن الغاسق إذا فسر بالليل فوقوبه دخوله ، وهو ظاهر . ووجه التعوذ من شره أن السباع فيه تخرج من آجامها ، والهوام من مكامنها ، وأهل الشر والفتنة من أماكنها ، ويقل فيه الغوث ، ولهذا قالت الفقهاء : لو شهر أحد سلاحاً على إنسان ليلاً فقتله المشهور عليه لم يلزمه قصاص ، ولو كان نهاراً لزمه لوجود الغوث . وقد يقال : إنه تنشر في الليل الأرواح المؤذية المسماة بالجن والشياطين ، وذلك لأن قوة الشمس وشعاعها كأنها تقهرهم ، أما في الليل فيحصل لهم نوع استيلاء . وعن ابن عباس : هو ظلمة الشهوة البهيمية إذا غلبت داعية العقل . قال ابن قتيبة : الغاسق القمر ؛ لأنه يذهب ضوءه عند الخسوف ، ووقوبه دخوله في ذلك الاسوداد . وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدها وقال لها : استعيذي بالله من شر هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب ، وعلى هذا التفسير يمكن تصحيح قول الحكيم : إن القمر جرم كثيف مظلم في ذاته ، لكنه يقبل الضوء عن الشمس ، ويختلف حاله في ذلك بحسب قربه منها وبعده عنها . ووقوبه إما دخوله في دائرة الظلام في الخسوفات ، وأما دخوله تحت شعاع الشمس في آخر كل شهر ، وحينئذ يكون منحوساً قليل القوة ، ولذلك تختار السحرة ذلك الوقت للتمريض والإضرار والتفريق ونحوها . وقيل : الغاسق : الثريا إذا سقط في المغرب . قال ابن زيد : وكانت الأسقام تكثر حينئذ . وقال في الكشاف : يجوز أن يراد به الأسود من الحيات ، ووقبه خربه ونقبه . وقيل : هو الشمس إذا غابت ، وسميت غاسقاً لسيلانها ودوام حركتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.