تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } : أي : { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا } كما زعم ذلك من زعمه ، من سفهاء الخلق . { لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } أي : لاصطفى بعض مخلوقاته التي يشاء اصطفاءه ، واختصه لنفسه ، وجعله بمنزلة الولد ، ولم يكن حاجة إلى اتخاذ الصاحبة . { سُبْحَانَهُ } عما ظنه به الكافرون ، أو نسبه إليه الملحدون .

{ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } أي : الواحد في ذاته ، وفي أسمائه ، وفي صفاته ، وفي أفعاله ، فلا شبيه له في شيء من ذلك ، ولا مماثل ، فلو كان له ولد ، لاقتضى أن يكون شبيها له في وحدته ، لأنه بعضه ، وجزء منه .

القهار لجميع العالم العلوي والسفلي ، فلو كان له ولد لم يكن مقهورا ، ولكان له إدلال على أبيه ومناسبة منه .

ووحدته تعالى وقهره متلازمان ، فالواحد لا يكون إلا قهارا ، والقهار لا يكون إلا واحدا ، وذلك ينفي الشركة له من كل وجه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

{ لو أراد الله أن يتخذ ولدا } كما زعموا . { لاصطفى مما يخلق ما يشاء } إذ لا موجود سواه إلا هو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه ، ومن البين أن المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الوالد له ثم قرر ذلك بقوله : { سبحانه هو الله الواحد القهار } فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للواحدة الذاتية ، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد لأن كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة ، والتعين المخصوص والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

قوله تعالى : { لو أراد الله أن يتخذ } . معناه : اتخاذ التشريف والتبني ، وعلى هذا يستقيم . قوله تعالى : { لاصطفى مما يخلق } .

وأما الاتخاذ المعهود في الشاهد فمستحيل أن يتوهم في جهة الله تعالى ، ولا يستقيم عليه معنى قوله : { لاصطفى } وقوله : { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً } [ مريم : 92 ] لفظ يعم اتخاذ النسل واتخاذ الأصفياء ، فأما الأول فمعقول ، وأما الثاني فمعروف لخبر الشرع ، ومما يدل على أن معنى قوله : أن يتخذ الاصطفاء والتبني قوله : { مما يخلق } أي من موجوداته ومحدثاته . ثم نزه تعالى نفسه تنزيهاً مطلقاً عن جميع ما لا يكون مدحة ، واتصافه تعالى ب { القهار } اتصاف على الإطلاق ، لأن أحداً من البشر إن اتصف بالقهر فمقيد في أشياء قليلة ، وهي في حين قهره لغيره مقهور لله تعالى عن أشياء كثيرة .