تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوۡعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ} (81)

{ قَالُوا } له : { إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ } أي : أخبروه بحالهم ليطمئن قلبه ، { لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ } بسوء .

ثم قال جبريل بجناحه ، فطمس أعينهم ، فانطلقوا يتوعدون لوطا بمجيء الصبح ، وأمر الملائكة لوطا ، أن يسري بأهله { بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ } أي : بجانب منه قبل الفجر بكثير ، ليتمكنوا من البعد عن قريتهم .

{ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } أي : بادروا بالخروج ، وليكن همكم النجاة ولا تلتفتوا إلى ما وراءكم .

{ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا } من العذاب { مَا أَصَابَهُمُ } لأنها تشارك قومها في الإثم ، فتدلهم على أضياف لوط ، إذا نزل به أضياف .

{ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ } فكأن لوطا ، استعجل ذلك ، فقيل له : { أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوۡعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ} (81)

فلما رأت الملائكة ما على لوط من الكرب { قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } لن يصلوا إلى إضرارك بإضرارنا فهون عليك ودعنا وإياهم ، فخلاهم أن يدخلوا فضرب جبريل عليه السلام بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم ، فخرجوا يقولون النجاء النجاء فإن في بيت لوط سحرة . { فأسْرِ بأهلك } بالقطع من الإسراء ، وقرأ ابن كثير ونافع بالوصل حيث وقع في القرآن من السري . { بقطع من الليل } بطائفة منه . { ولا يلتفت منكم أحد } ولا يتخلف أو لا ينظر إلى ورائه والنهي في اللفظ أحد وفي المعنى للوط . { إلا امرأتك } استثناء من قوله : { فأسر بأهلك } ويدل عليه أنه قرئ فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك ، وهذا إنما يصح على تأويل الالتفات بالتخلف فإنه إن فسر بالنظر إلى الوراء في الذهاب ناقض ذلك قراءة ابن كثير وأبي عمرو بالرفع على البدل من أحد ، ولا يجوز حمل القراءتين على الروايتين في أنه خلفها مع قومها أو أخرجها فلما سمعت صوت العذاب التفتت وقالت يا قوماه فأدركها حجر فقتلها ، لأن القواطع لا يصح حملها على المعاني المتناقضة ، والأولى جعل الاستثناء في القراءتين من قوله : { ولا يلتفت } مثله في قوله تعالى : { ما فعلوه إلا قليل } ولا يبعد أن يكون أكثر القراء على غير الأفصح ، ولا يلزم من ذلك أمرها بالالتفات بل عدم نهيها عنه استصلاحا ولذلك علل طريقة الاستئناف بقوله : { إنه مُصيبها ما أصابهم } ولا يحسن جعل الاستثناء منقطعا على قراءة الرفع . { إن موعدهم الصبح } كأنه علة الأمر بالإسراء . { أليس الصّبح بقريب } جواب لاستعجال لوط واستبطائه العذاب .