بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوۡعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ} (81)

فلما سمع لوط تهديدهم إياه ، ساءه صنيع القوم وخاف ، فلمَّا رأى جبريل ما دخله { قَالُواْ يا لُوطٍ إِنَّا رُسُلُ رَبّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ } يعني : لن يقدروا أن يصنعوا بك شيئاً ، { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } يعني : سر وادلج بأهلك { بِقِطْعٍ مّنَ الليل } . قال الكلبي : القطع من الليل ، آخر السحر ، وقد بقيت منه قطعة . وقال السدي : سألت أعرابياً عن قوله : { بِقِطْعٍ مّنَ الليل } قال : ربع الليل { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } يعني : لا يتخلف منكم أحد { إِلاَّ امرأتك إِنَّهُ مُصِيبُهَا } من العذاب ، { مَا أصابهم } .

قرأ ابن كثير ، ونافع : { فَأَسْرِ } بجزم الألف ، وقرأ الباقون : { فَأَسْرِ } ، ومعناهما واحد . يقال : سريت وأسريت ، إذا سرت بالليل . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، { إِلاَّ امرأتك } بضم التاء ، وقرأ الباقون بالنصب . فمن قرأ بالنصب ، انصرف إلى الإسراء ، يعني : أسر بأهلك إلا امرأتَكَ ، على معنى الاستثناء ؛ وفي قراءة ابن مسعود : فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتَكَ . ومن قرأ بالضم ، فهو ظاهر ، يعني : أنها تتخلف مع الهالكين .

وقال لوط ، لجبريل عليه السلام : إن أبواب المدينة قد أُغلقت ، فجمع لوط أهله وابنتيه ريثا وزغورا ، فحمل جبريل لوطاً ، وابنتيه ، وماله على جناحه إلى مدينة ذعر ، وهي إحدى مدائن لوط ، وهي خمس مدائن ، وهي على أربعة فراسخ من سدوما ، ولم يكونوا على مثل عملهم .

فقال له جبريل { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح } يعني : هلاكهم وقت الصبح . فقال لوط : يا جبريل ، الآن عجل هلاكهم . فقال له جبريل : { أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ }