السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوۡعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ} (81)

{ قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } بسوء فافتح الباب ودعنا وإياهم ، ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل ربه في عقوبتهم فأذن له ، فقام في الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه ، وله جناحان ، وعليه وشاح من درّ منظوم وهو براق الثنايا ، فضرب بجناحه وجوههم ، فطمس أعينهم كما قال تعالى : { فطمسنا أعينهم } [ القمر ، 37 ] فصاروا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم ، فخرجوا وهم يقولون : النجاء النجاء ، فإنّ في بيت لوط قوماً سحرة .

تنبيه : { لن يصلوا إليك } جملة موضحة للتي قبلها ؛ لأنهم إذا كانوا رسل الله لن يصلوا إليه ، ولن يقدروا على ضرره ، ثم قالوا له : { فأسر بأهلك بقطع } ، أي : طائفة { من الليل } وقرأ نافع وابن كثير بعد الفاء بهمزة وصل من السرى والباقون بهمزة قطع من الإسراء . { ولا يلتفت منكم أحد } ، أي : لا ينظر إلى ورائه لئلا يرى عظيم ما نزل بهم . وقوله : { إلا امرأتك } قرأه ابن كثير وأبو عمرو برفع التاء على أنه بدل من أحد ، والباقون بالنصب على أنه استثناء من الأهل ، أي : فلا تسر بها { إنه مصيبها ما أصابهم } فلم يخرج بها ، وقيل : خرجت والتفتت فقالت : واقوماه فجاءها حجر فقتلها . روي أنه قال لهم : متى موعد هلاكهم فقالوا له : { إنّ موعدهم الصبح } قال : أريد أسرع من ذلك فقالوا : { أليس الصبح بقريب } ، أي : فأسرع الخروج بمن أمرت بهم .