ثم ذكر له كمالا آخر وفضلا زائدا على ما أعطاه الله من الفضائل ، فقال { ورسولا إلى بني إسرائيل } فأرسله الله إلى هذا الشعب الفاضل الذين هم أفضل العالمين في زمانهم يدعوهم إلى الله ، وأقام له من الآيات ما دلهم أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا ولهذا قال { أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين } طيرا ، أي : أصوره على شكل الطير { فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله } أي : طيرا له روح تطير بإذن الله { وأبرى الأكمه } وهو الذي يولد أعمى { والأبرص } بإذن الله { وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } وأي : آية أعظم من جعل الجماد حيوانا ، وإبراء ذوي العاهات التي لا قدرة للأطباء في معالجتها ، وإحياء الموتى ، والإخبار بالأمور الغيبية ، فكل واحدة من هذه الأمور آية عظيمة بمفردها ، فكيف بها إذا اجتمعت وصدق بعضها بعضها ؟ فإنها موجبة للإيقان وداعية للإيمان .
{ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم } منصوب بمضمر على إرادة القول تقديره : ويقول أرسلت رسولا بأني قد جئتكم ، أو بالعطف على الأحوال المتقدمة مضمنا معنى النطق فكأنه قال : وناطقا بأني قد جئتكم ، وتخصيص بني إسرائيل لخصوص بعثته إليهم أو للرد على من زعم أنه مبعوث إلى غيرهم . { أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير } نصب بدل من أني قد جئتكم ، أو جر بدل من آية ، أو رفع على هي أني أخلق لكم والمعنى : أقدر لكم وأصور شيئا مثل صورة الطير ، وقرأ نافع { إني } بالكسر { فأنفخ فيه } الضمير للكاف أي في ذلك الشيء المماثل . { فيكون طيرا بإذن الله } فيصير حيا طيارا بأمر الله ، نبه به على أن إحياءه من الله تعالى لا منه . وقرأ نافع هنا وفي المائدة " طائرا " بالألف والهمزة . { وأبرئ الأكمه والأبرص } الأكمه الذي ولد أعمى أو الممسوح العين . روي : أن ربما كان يجتمع عليه ألوف من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى عليه الصلاة والسلام وما يداوي إلا بالدعاء . { وأحيي الموتى بإذن الله } كرر بإذن الله دفعا لتوهم الألوهية ، فإن الإحياء ليس من جنس الأفعال البشرية . { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } بالمغيبات من أحوالكم التي لا تشكون فيها . { إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } موفقين للإيمان فإن غيرهم لا ينتفع بالمعجزات ، أو مصدقين للحق غير معاندين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.