تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (81)

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }

يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد بسبب ما أعطاهم من كتاب الله المنزل ، والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال ، إنه إن بعث الله رسولا مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ويأخذوا ذلك على أممهم ، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوجب الله عليهم أن يؤمن بعضهم ببعض ، ويصدق بعضهم بعضا لأن جميع ما عندهم هو من عند الله ، وكل ما من عند الله يجب التصديق به والإيمان ، فهم كالشيء الواحد ، فعلى هذا قد علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتمهم ، فكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أدركوه لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته ، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم ، فهذه الآية الكريمة من أعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره ، وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم صلى الله عليه وسلم لما قررهم تعالى { قالوا أقررنا } أي : قبلنا ما أمرتنا به على الرأس والعين { قال } الله لهم : { فاشهدوا } على أنفسكم وعلى أممكم بذلك ، قال { وأنا معكم من الشاهدين } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (81)

{ وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه } قيل إنه على ظاهره ، وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم به أولى . وقيل معناه أنه تعالى أخذ الميثاق من النبيين وأممهم واستغنى بذكرهم عن ذكر الأمم . وقيل إضافة الميثاق إلى النبيين إضافته إلى الفاعل ، والمعنى وإذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم . وقيل المراد أولاد النبيين على حذف المضاف ، وهم بنو إسرائيل ، أو سماهم نبيين تهكما لأنهم كانوا يقولون نحن أولى بالنبوة من محمد لأنا أهل الكتاب والنبيون كانوا منا ، واللام في { لما } موطئه للقسم لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف ، وما تحتمل الشرطية ولتؤمنن ساد مسد جواب القسم والشرط وتحتمل الخبرية . وقرأ حمزة { لما } بالكسر على أن ما مصدرية أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب ، ثم مجيء رسول مصدق له أخذ الله الميثاق لتؤمنن به ولتنصرنه ، أو موصولة والمعنى أخذه للذي آتيتكموه وجاءكم رسول مصدق له . وقرئ { لما } بمعنى حين آتيتكم ، أو لمن أجل ما آتيتكم على أن أصله لمن ما بالإدغام فحذف إحدى الميمات الثلاث استثقالا . وقرأ نافع " آتيناكم " بالنون والألف جميعا . { قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري } أي عهدي ، سمي به لأنه يؤصر أي يشد . وقرئ بالضم وهو إما لغة فيه كعبر وعبر أو جمع إصار وهو ما يشد به . { قالوا أقررنا قال فاشهدوا } أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار . وقيل الخطاب فيه للملائكة . { وأنا معكم من الشاهدين } وأنا أيضا على إقراركم وتشاهدكم شاهد ، وهو توكيد وتحذير عظيم .