تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَـٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (180)

180 وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .

هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه ، بأن له الأسماء الحسنى ، أي : له كل اسم حسن ، وضابطه : أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة ، وبذلك كانت حسنى ، فإنها لو دلت على غير صفة ، بل كانت علما محضا لم تكن حسنى ، وكذلك لو دلت على صفة ليست بصفة كمال ، بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح ، لم تكن حسنى ، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها ، مستغرق لجميع معناها .

وذلك نحو العليم الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء ، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء .

و كالرحيم الدال على أن له رحمة عظيمة ، واسعة لكل شيء .

و كالقدير الدال على أن له قدرة عامة ، لا يعجزها شيء ، ونحو ذلك .

ومن تمام كونها " حسنى " أنه لا يدعى إلا بها ، ولذلك قال : فَادْعُوهُ بِهَا وهذا شامل لدعاء العبادة ، ودعاء المسألة ، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب ، فيقول الداعي مثلا اللّهم اغفر لي وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم ، وتب عَلَيَّ يا تواب ، وارزقني يا رزاق ، والطف بي يا لطيف ونحو ذلك .

وقوله : وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أي : عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه ، وحقيقة الإلحاد الميل بها عما جعلت له ، إما بأن يسمى بها من لا يستحقها ، كتسمية المشركين بها لآلهتهم ، وإما بنفي معانيها وتحريفها ، وأن يجعل لها معنى ما أراده اللّه ولا رسوله ، وإما أن يشبه بها غيرها ، فالواجب أن يحذر الإلحاد فيها ، ويحذر الملحدون فيها ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه صلى الله عليه وسلم ( أن للّه تسعة وتسعين اسما ، من أحصاها دخل الجنة )

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَـٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (180)

{ ولله الأسماء الحسنى } لأنها دالة على معان هي أحسن المعاني ، والمراد بها الألفاظ وقيل الصفات . { فادعوه بها } فسموه بتلك الأسماء . { وذروا الذين يُلحدون في أسمائه } واتركوا تسمية الزائغين فيها الذين يسمونه بما لا توقيف فيه ، إذ ربما يوهم معنى فاسدا كقولهم يا أبا المكارم يا أبيض الوجه ، أو لا تبالوا بإنكارهم ما سمى به نفسه كقولهم : ما نعرف إلا رحمان اليمامة ، أو وذروهم وإلحادهم فيها بإطلاقها على الأصنام واشتقاق أسمائها منها كاللات من " الله " ، والعزى من " العزيز " ولا توافقوهم عليه أو أعرضوا عنهم فإن الله مجازيهم كما قال : { سيُجزون ما كانوا يعملون } وقرأ حمزة هنا وفي " فصلت " { يلحدون } بالفتح يقال : لحد وألحد إذا مال عن القصد .