قوله تعالى : { الْحُسْنَى } : فيها قولان ، أظهرهما : أنها تأنيث " أحسن " ، والجمع المكسَّرُ لغير العاقل يجوز أن يُوْصَفَ بما يوصف به المؤنث نحو : مآرب أخرى ، ولو طُوبق به لكان التركيب الحَسَن كقوله :
{ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة : 184 ] . والثاني : أن الحسنى مصدر على فُعْلَى كالرُّجْعَى والبُقْيَا قال :
ولا يَجْزون مِنْ حُسْنى بسوءٍ *** . . . . . . . . . . . . . . . .
و " الأسماء " هنا : الألفاظُ الدالَّةُ على الباري تعالى كالله والرحمن . وقال ابن عطية : " المرادُ بها التسمياتُ إجماعاً من المتأولين لا يمكن غيره ، وفيه نظرٌ لأنَّ التسمية مصدرٌ ، والمصدر لا يُدْعى به على كلا القولين في تفسير الدعاء ، وذلك أن معنى " فادعوه " نادوه بها ، كقولهم : يا الله يا رحمان يا ذا الجلال والإِكرام اغفرْ لنا . وقيل : سمُّوه بها كقولك : " سَمَّيْت ابني بزيد " .
قوله : { يُلْحِدُونَ } قرأ حمزة هنا وفي النحل وحم السجدة : يَلْحدون بفتح الياء والحاء مِنْ لحد ثلاثياً . والباقون بضم الياء وكسرِ الحاء مِنْ أَلْحد . فقيل : هما بمعنى واحد ، وهو المَيْل والانحراف . ومنه لَحْد القبر لأنه يُمال ، بحفره إلى جانبه ، بخلاف الضريح فإنه يُحْفر في وسطه ، ومن كلامهم " ما فعل الواجد ؟ قالوا لَحَدَه اللاحد " . وإلى كونهما بمعنى واحد ذهب ابن السِّكِّيت وقال : " هما العدول عن الحق " . وأَلْحد أكثر استعمالاً مِنْ لَحَدَ قال :
ليس الإِمام بالشحيح المُلْحِدِ ***
وقال غيره : " لَحَدَ بمعنى رَكَنَ وانضوى ، وألحد : مال وانحرف " قاله الكسائي . ونُقل عنه أيضاً : أَلْحَدَ : أعرض ، ولحد : مال . قالوا : ولهذا وافق حمزة في النحل إذ معناه : يميلون إليه .
وروى أبو عبيدة عن الأصمعي : " ألحد : مارى وجادل ، ولحد : حاد ومال . ورُجِّحت قراءةُ العامة بالإِجماع على قوله " بإلحاد " . وقال الواحدي : " ولا يكاد يُسْمع من العرب لاحد " . قلت : فامتناعُهم من مجيء اسم فاعل الثلاثي يدل على قلَّته وقد قَدَّمْتُ من كلامهم " لحده اللاحِد " . ومعنى الإِلحاد فيها أن اشتقوا منها أسماءً لآلهتهم فيقولون : اللات من لفظ الله ، والعزَّى من لفظ العزيز ، ومناة مِنْ لفظ المَنَّان ، ويجوز أن يُراد سَمَّوه بما لا يليق بجلاله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.