{ وَللَّهِ الأسماء الحسنى } تنبيهٌ للمؤمنين على كيفية ذكره تعالى وكيفية المعاملةِ مع المُخِلّين بذلك الغافلين عنه سبحانه عما يليق به من الأمور وما لا يليق به إثرَ بيانِ غفلتِهم التامةِ وضلالتِهم الطامة ، والحسنى تأنيثُ الأحسن أي الأسماءُ التي هي أحسنُ الأسماءِ وأجلُّها لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفِها { فادعوه بِهَا } أي فسمُّوه بتلك الأسماء { وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أسمائه } الإلحادُ واللحدُ : الميلُ والانحرافُ يقال : لحَد وألحَد إذا مال عن القصد ، وقرىء يَلحَدون من الثلاثي أي يَميلون في شأنها عن الحق إلى الباطل ، إما بأن يسمّوه تعالى بما لا توقيفَ{[310]} فيه أو بما يوهم معنى فاسداً كما في قول أهل البدو : يا أبا المكارم يا أبيضَ الوجه يا سخيّ ونحو+ ذلك ، فالمرادُ بالترك المأمور به : الاجتنابُ عن ذلك ، وبأسمائه : ما أطلقوه عليه تعالى وسمَّوْه به على زعمهم لا أسماؤُه تعالى حقيقةً وعلى ذلك يُحمل تركُ الإضمارِ بأن يقال : يلحدون فيها ، وإما بأن يعدلون عن تسميته تعالى ببعض أسمائِه الكريمة كما قالوا : وما الرحمان ؟ ما نعرِف سوى رحمانِ اليمامة . فالمرادُ بالترك الاجتنابُ أيضاً وبالأسماء أسماؤُه تعالى حقيقةً فالمعنى سمُّوه تعالى بجميع أسمائِه الحسنى واجتنبوا إخراجَ بعضِها من البين ، وإما بأن يُطلقوها على غيره تعالى كما سمَّوا أصنامَهم آلهة ، وإما بأن يشتقوا من بعضها أسماءَ أصنامِهم كما اشتقوا اللاتَ من الله تعالى والعُزّى من العزيز ، فالمراد بالأسماء أسماؤُه تعالى حقيقةً كما في الوجه الثاني . والإظهارُ في موقع الإضمارِ مع التجريد عن الوصف في الكل للإيذان بأن إلحادَهم في نفس الأسماءِ من غير اعتبار الوصفِ ، وليس المرادُ بالترك حينئذ الاجتنابَ عن ذلك إذا لا يتوهم صدورُ مثلِ هذا الإلحادِ عن المؤمنين ليُؤمَروا بتركه بل هو الإعراضُ عنهم وعدمُ المبالاة بما فعلوا ترقباً لنزول العقوبةِ بهم عن قريب كما هو المتبادرُ من قوله : { سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فإنه استئنافٌ وقع جواباً عن سؤال نشأ من الأمر بعدم المبالاةِ والإعراض عن المجازاة ، كأنه قيل : لم لا نبالي بإلحادهم ولا نتصدىّ لمجازاتهم ؟ فقيل : لأنه سيُنزِل بهم عقوبتَه وتتشفَّوْن بذلك عن قريب . وأما على الوجهين الأولين فالمعنى اجتنبوا إلحادَهم كيلا يُصيبَكم ما أصابهم فإنه سينزِل بهم عقوبةُ إلحادهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.