قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } الآية .
وهذا كالتنبيه على أن الموجب لدخولهم جهنم هو الغفلة عن ذكر الله .
واعلم أن قوله : { ولله الأسماء الحسنى } مذكور في أربع سور :
وثانيها : آخر الإسراء { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى } [ الإسراء 110 ] .
وثالثها : أول طه : { الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى } [ طه : 8 ] .
ورابعها : آخر الحشر { له الأسماء الحسنى } [ الحشر 24 ] .
والحسنى فيها قولان ، أظهرهما : أنها تأنيث : " أحسن " والجمع المكسر لغير العاقل يجوز أن يوصف به المؤنث نحو : { مآرب أخرى } [ طه : 18 ] ولو طوبق به لكان التركيب " الحسن " كقوله : { من أيام أخر } [ البقرة 184 ] .
والثاني : أن " الحسنى " مصدر على " فعلى " كالرجعى ، والبقيا .
ولا يجزون من حسنى بسوء *** . . . {[17030]}
والأسماء هنا : الألفاظ الدالة على الباري تعالى ك : الله والرحمن .
قال القرطبي{[17031]} : وسمى الله أسماءه بالحسنى ، لأنها حسنة في الأسماع والقلوب ، فإنها تدل على توحده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله .
وقال ابن عطية{[17032]} المراد بها التسميات إجماعا من المتأولين لا يمكن غيره . وفيه نظر : لأن التسمية مصدر ، والمصدر لا يدعي به على كلا القولين في تفسير الدعاء ، وذلك أن معنى فادعوه نادوه بها ، كقولهم : يا الله ، يا رحمن ، يا ذا الجلال والإكرام اغفر لنا .
وقيل : سموه بها كقولك : سميت ابني بزيد ، والآية دالة على أن لله تعالى أسماء حسنة وأن الإنسان لا يدعو الله إلا بها ، وأنها توقيفية لا اصطلاحية ، لأنه يجوز أن يقال : يا جواد ولا يجوز أن يقال : يا سخي ، ويجوز أن يقال : يا عالم ، ولا يجوز أن يقال : يا فقيه ، يا عاقل يا طبيب .
وقال تعالى : { يخادعون الله وهو خادعهم } [ النساء 142 ] .
وقال : { ومكروا ومكر الله } [ آل عمران : 54 ] ولا يقال في الدعاء : يا مخادع يا مكار .
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تسعة وتسعين اسما إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة " {[17033]} . " إنه وتر يحب الوتر " {[17034]} .
قوله : { وذروا الذين يلحدون في أسمائه } قرأ{[17035]} حمزه هنا ، وفي النحل ، وحم السجدة يلحدون بفتح الياء والحاء من " لحد " ثلاثيا ، والباقون بضم الياء وكسر الحاء ، من " ألحد " .
فقيل هما بمعنى واحد وهو : الميل والانحراف ، ومنه : لحد القبر ، لأنه يمال بحفرة إلى جانبه ، بخلاف الضريح ، فإنه يحفر في وسطه .
ومن كلامهم ، ما فعل الواحد ؟ قالوا : لحده اللاحد ، وإلى كونهما بمعنى واحد ذهب ابن السكيت وقال : هما العدول عن الحق ، وألحد : أكثر استعمالا من " لحد " قال : [ الرجز ]
ليس الإمام بالشحيح الملحد{[17036]}
وقال غيره : " لحد : بمعنى : ركن وانضوى ، وألحد : مال وانحرف " قاله الكسائي ونقل عنه أيضا : ألحد : أعرض ولحد : مال .
قالوا : ولهذا وافق حمزة في النحل إذ معناه : يميلون إليه .
وروى أبو عبيدة عن الأصمعي : " ألحد : مارى ، وجادل ، ولحد : حاد ومال " .
ورجحت قراءة العامة بالإجماع على قوله : { بإلحاد } [ الحج : 25 ] .
وقال الواحدي : ولا يكاد يسمع من العرب لاحد ، يعني : بامتناعهم من مجيء اسم فاعل الثلاثي يدل على قلته وقد تقدم من كلامهم " لحده اللاحد " . ومعنى الإلحاد فيها أن اشتقوا منها أسماء لآلهتهم فيقولون " اللات " من لفظ الله ، و " العزى " من لفظ العزيز ، و " مناة " من لفظ المنان ، ويجوز أن يراد سموه بما لا يليق بجلاله ، مثل تسميته أبا للمسيح ، وكقول النصارى : أب ، وابن ، وروح القدس .
ثم قال : " سيجزون ما كانوا يعملون " وهذا تهديد ووعيد لمن ألحد في أسماء الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.