تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وقيل : إن المقسم عليه قوله { قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ } وهذا دعاء عليهم بالهلاك .

و { الأخدود } الحفر التي تحفر في الأرض .

وكان أصحاب الأخدود هؤلاء قومًا كافرين ، ولديهم قوم مؤمنون ، فراودوهم للدخول{[1394]}  في دينهم ، فامتنع المؤمنون من ذلك ، فشق الكافرون أخدودًا [ في الأرض ] ، وقذفوا فيها النار ، وقعدوا حولها ، وفتنوا المؤمنين ، وعرضوهم عليها ، فمن استجاب لهم أطلقوه ، ومن استمر على الإيمان قذفوه في النار ، وهذا في غاية المحاربة لله ولحزبه المؤمنين ، ولهذا لعنهم الله وأهلكهم وتوعدهم فقال : { قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ }


[1394]:- في ب: على الدخول.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

ولما كان جواب القسم على-{[72473]} ما دل عليه مقصود السورة وسوابقها ولواحقها : لنثوبن الفريقين الأولياء والأعداء ، ولندينن كلاًّ بما عمل ، دل عليه بأفعاله{[72474]} في الدنيا ببعض الجبابرة فيما مضى ، وفيما يفعل بجبابرة من كذب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بادئاً بمن عذب بعذاب الله في القيامة للبداءة في آخر الانشقاق بقسم المكذبين وهم المحدث عنهم ، معبراً بما يصلح للدعاء والحقيقة تسلية للمؤمنين وتثبيتاً لهم بما وقع لأمثالهم ، وتحذيراً مما كان لأشكالهم : { قتل } أي لعن بأيسر أمر وأسهله من كل لاعن لعناً لا فلاح معه ، ووقع في الدنيا أنه قتل حقيقة { أصحاب الأخدود * } أي الخد العظيم ، وهو الشق المستطيل في الأرض كالنهر ، روي{[72475]} أن ملكاً من الكفار - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان من حمير - من ملوك اليمن ، وكان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة ، آمن في زمانه ناس كثير ، فخدّ لهم أخدوداً في الأرض وسجره ناراً وعرض من آمن عليه ، فمن رجع عن دينه تركه ، ومن ثبت - وهم الأغلب - قذفه في ذلك الأخدود فأحرقه .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : وردت هذه السورة في معرض الالتفات والعدول إلى إخبار نبي الله صلى الله عليه وسلم بما تضمنته هذه السورة من قصة أصحاب الأخدود ، وقد-{[72476]} تقدم هذا الضرب في سورة المجادلة وسورة النبأ ، وبينا وقوعه في أنفس السور ومتونها وهو أقرب فيما بين السورتين وأوضح - انتهى .


[72473]:زيد من م.
[72474]:من ظ و م، وفي الأصل: بأمثاله.
[72475]:راجع المعالم7/191.
[72476]:زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.