تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

{ 17 - 33 } { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ }

إلى آخر القصة يقول تعال : إنا بلونا هؤلاء المكذبين بالخير وأمهلناهم ، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد ، وطول عمر ، ونحو ذلك ، مما يوافق أهواءهم ، لا لكرامتهم علينا ، بل ربما يكون استدراجًا لهم من حيث لا يشعرون{[1194]}  فاغترارهم بذلك نظير اغترار أصحاب الجنة ، الذين هم فيها شركاء ، حين زهت ثمارها أينعت أشجارها ، وآن وقت صرامها ، وجزموا أنها في أيديهم ، وطوع أمرهم ، [ وأنه ] ليس ثم مانع يمنعهم منها .


[1194]:- في ب: من حيث لا يعلمون.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

{ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } أي : بلونا قريشا كما بلونا أصحاب الجنة وكانوا إخوة من بني إسرائيل لهم جنة ، روي : أنها بمقربة من صنعاء فحلفوا أن لا يعطوا مسكينا منها شيئا وباتوا عازمين على ذلك ، فأرسل الله على جنتهم طائفا من نار فأحرقتها فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها ، فحسبوا أنهم أخطؤا الطريق ، ثم تبينوها فعرفوها وعلموا أن الله عاقبهم فيها بما قالوا ، فندموا وتابوا إلى الله . ووجه تشبيه قريش بأصحاب الجنة ، أن الله أنعم على قريش ببعث محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أنعم على أصحاب الجنة بالجنة ، فكفر هؤلاء بهذه النعمة كما فعل أولئك ، فعاقبهم الله كما عاقبهم ، وقيل : شبه قريشا لما أصابهم الجوع بشدة القحط حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأصحاب الجنة لما هلكت جنتهم .

{ إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين } أي : حلفوا أن يقطعوا غلة جنتهم عند الصباح وكانت الغلة ثمرا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

ولما ذكر في{[67521]} أول الملك أنه خلق الموت والحياة للابتلاء في الأعمال ، وختم هنا بعيب من يغتر{[67522]} بالمال والبنين وهو يعلم أن الموت وراءه ، أعاد ذكر الابتلاء وأكده ، لأن أعمالهم مع العلم بأنه عرض زائل أعمال{[67523]} من يظن الملك الثابت والتصرف{[67524]} التام ، فقال{[67525]} : { إنا بلوناهم } أي عاملنا{[67526]} - على ما لنا من العظمة - الذين نسمهم {[67527]}على الخراطيم من قريش{[67528]} وسائر عبادنا بما وسعنا عليهم به معاملة المختبر مع علمنا بالظاهر والباطن ، فغرهم ذلك{[67529]} وظنوا أنهم أحباب ، ومن قترنا عليه من أوليائنا أعداء ، فاستهانوا بهم ، ونسبوهم لأجل تقللهم من الدنيا إلى السفه والجنون والضلال والفتون ، فيوشك أن نأخذهم بغتة كما فعلنا بأصحاب الجنة ، فكل{[67530]} من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ابتلي به ، فإن{[67531]} آمن كان ممن أحسن عملاً ، وإلا كان ممن أساء .

ولما لم تعرف عامة أهل مكة نعمة الله عليهم به صلى الله عليه وسلم ، أخرجه الله عنهم وأكرمه بأنصار جعله أكرم الكرامات لهم ، وكل من سمع به ولم يؤمن فهو كذلك ، تكون أعماله كهذه الجنة يظنها شيئاً{[67532]} فتخونه أحوجَ ما يكون إليها ، أو كان{[67533]} ابتلاؤنا لهم بالقحط الذي دعا عليهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكلوا الجيف {[67534]}فما تابوا{[67535]} كما تاب { كما بلونا } أي اختبرنا بأن عاملنا{[67536]} معاملة المختبر مع علمنا بالظاهر والباطن ، وحاصله أنه استخرج ما في البواطن{[67537]} ليعلمه العباد في عالم الشهادة ، كما يعلمه الخالق في عالم الغيب ، أو أنه كناية عن الجزاء { أصحاب الجنة } عرفها لأنها كانت شهيرة عندهم ، وهي بستان عظيم{[67538]} كان دون صنعاء بفرسخين ، يقال له الضروان ، يطأه أهل الطريق ، كان صاحبه ينادي الفقراء وقت الصرام ، ويترك لهم ما أخطأ المنجل ، أو ألقته الريح ، أو بعد عن البساط الذي يبسط تحت النخلة ، فلما مات ، شح بنوه بذلك فحلفوا على أن يجذوها قبل الشمس ، حتى لا يأتي الفقراء إلا بعد فراغهم ، وذلك معنى قوله تعالى : { إذ } أي حين { أقسموا } ودل على تأكيد القسم فقال : { ليصرمنها } عبر به عن الجذاذ بدلالته على القطع البائن المعزوم عليه المستأصل المانع للفقراء ليكون قطعاً من كل وجه ، من الصريم - لعود يعرض على{[67539]} فم الجدي لئلا يرضع ، ومن الصرماء : المفازة لا ماء بها ، والناقة القليلة اللبن { مصبحين * } أي داخلين في أول وقت الصباح .


[67521]:- زيد من ظ وم.
[67522]:- من ظ وم، وفي الأصل: يعتبر.
[67523]:- زيد من ظ وم.
[67524]:- من وم، وفي الأصل: النصر.
[67525]:- زيد من ظ وم.
[67526]:-زيد في الأصل: هؤلاء المكذبين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67527]:- من ظ وم، وفي الأصل: من قريش وعلى الخراطيم.
[67528]:- من ظ وم، وفي الأصل: من قريش وعلى الخراطيم.
[67529]:- زيد من ظ وم.
[67530]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكل.
[67531]:- من ظ وم، وفي الأصل: كان.
[67532]:- من ظ وم، وفي الأصل: أشياء.
[67533]:- من ظ وم، وفي الأصل: يكون.
[67534]:- من ظ وم، وفي الأصل: فماتوا.
[67535]:- من ظ وم، وفي الأصل: فماتوا.
[67536]:- من م، وفي الأصل و ظ: عاملناهم.
[67537]:- من ظ وم، وفي الأصل: الباطن.
[67538]:- زيد في الأصل: كأنه، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67539]:- من ظ وم، وم، وفي الأصل: عن.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ( 17 ) وَلا يَسْتَثْنُونَ ( 18 ) }

إنا اختبرنا أهل " مكة " بالجوع والقحط ، كما اختبرنا أصحاب الحديقة حين حلفوا فيما بينهم ، ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح .